الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث فيما أكله صلى الله عليه وسلم من لحوم الحيوانات

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في أكله لحم الشاة وما كان يختاره من الأعضاء .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري والترمذي في الشمائل- وصححه- ، وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي في الشمائل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : كان أحب العراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع ذراع الشاة ، وكان يعجبه الذراع .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال ثقات عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تذبح شاة فيقسمها بين الجيران قال : فوزعها بين الجيران ، ورفعت الذراع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أحب الشاة إليه الذراع ،

                                                                                                                                                                                                                              فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : ما بقي عندنا منها إلا الذراع ، قال : «بقي كلها إلا الذراع»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي- وحسنه- عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان الذراع أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لا يجد اللحم إلا غبا وكان يعجل إليه لأنه أعجله نضجا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال : ما دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لحم قط إلا أجاب ، ولا أهدي له لحم إلا قبله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم بقر فقيل : هذا ما تصدق به على بريرة فقال : «هو لها صدقة ولنا هدية» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عن عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بلحم فجعل القوم يلقمونه اللحم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أطيب اللحم لحم الظهر» . [ ص: 187 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : قدمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عناقا فنظر إلي وقال : «قد علمت حبنا اللحم» .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن أنس وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما قالا : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراعان والكتف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كان أحب الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان والحميدي عن عمر بن أمية أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة في يده ، يأكل منها ، فدعي إلى الصلاة فألقاها ، وألقى السكين التي كان يحتز بها ، ثم قام فصلى ، ولم يتوضأ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي والبيهقي عن ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنها ، أنها ذبحت في بيتها شاة ، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن أطعمينا من شاتكم ، فقالت للرسول : ما بقي عندنا إلا الرقبة ، وإني لأستحي أن أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرقبة ، فرجع الرسول فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ارجع إليها فقل : أرسلي بها فإنها هادية الشاة ، وأقرب الشاة إلى الخير وأبعدها من الأذى» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في أكله صلى الله عليه وسلم القديد .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه ، فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرب إليه خبزا من شعير ، ومرقا فيه دباء وقديد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال : سألت عائشة رضي الله تعالى عنها عن لحوم الأضاحي ، قالت : كنا نخبئ الكراع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا ثم يأكله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عنها قالت : لقد كنا نرفع الكراع فيأكله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خمسة عشر يوما من الأضاحي .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الشيخ عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : أكلنا القديد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 188 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأربعة عن رجل قال : ذبحت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة ونحن مسافرون ، فقال : «أصلح لحمها ، فلم أزل أطعمه منه إلى المدينة» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في أكله صلى الله عليه وسلم الشواء .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي في الشمائل عن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله تعالى عنه قال : أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد لحما قد شوي ، فمسحنا أيدينا بالحصباء ، ثم قمنا نصلي ولم نتوضأ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى والنسائي في الكبرى عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال : أمر أبي بحريرة فصنعت ، ثم أمرني فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأتيته وهو في المسجد ، فقال لي : «ماذا معك يا جابر ؟ ألحم ذا ؟ » قلت : لا ، فأتيت أبي ، فقال : هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، قال لي : يا جابر ألحم ذا ؟ قال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون اشتهى اللحم ، قال : فأمر بشاة لنا داجن فذبحت ثم أمر بها فشويت ، ثم أمرني ، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : «ماذا معك يا جابر ؟ » فأخبرته ، فقال : «جزى الله تعالى الأنصار عنا خيرا ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام ، وسعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهما» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان والنسائي عن أبي رافع رضي الله تعالى عنه قال : أشهد لكنت أشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطن الشاة ، ثم صلى ولم يتوضأ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي- وحسنه- عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جنبا مشويا فأكل منه ، ثم قام إلى الصلاة وما توضأ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال : ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأمر بجنب فشوي ، وأخذ الشفرة فجعل يحز بها منه ، فجاء بلال رضي الله تعالى عنه فآذنه بالصلاة ، فألقى الشفرة وقال : «ما له تربت يداه» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في أكله صلى الله عليه وسلم لحم الجزور .

                                                                                                                                                                                                                              روى النسائي عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : كان علي رضي الله تعالى عنه قدم بهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الهدي الذي قدم به صلى الله عليه وسلم ، وعلي رضي الله تعالى عنه من اليمن مائة بدنة ، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثا وستين ، ونحر علي رضي الله تعالى عنه سبعا وثلاثين ، وأشرك عليا رضي الله تعالى عنه في بدنه ، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلت في [ ص: 189 ] قدر فطبخت ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي رضي الله تعالى عنه من لحمها وشربا من مرقها .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في أكله صلى الله عليه وسلم سمك البحر المالح .

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان وابن أبي عمر عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه فجعنا جوعا شديدا فألقى لنا البحر حوتا ميتا لم نر مثله يقال له العنبر ، فقال أبو عبيدة : كلوا منه فأكلنا وادهنا ، وأكلنا منه نصف شهر ، فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته ، وكان يجلس النفر الخمسة في موقع عينيه ، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : «كلو رزقا أخرجه الله تعالى لكم ، وأطعمونا ، إن كان معكم» ، فأتاه بعضهم بشيء فأكله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : غزونا فجعنا حتى إنا لنقسم التمر التمرة والتمرتين ، فبينا نحن على شط البحر إذ رمى البحر بحوت ميتة ، فاقتطع الناس ما شاءوا من شحم لحم ، وهو مثل الظرب

                                                                                                                                                                                                                              فبلغني أن الناس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه فقال لهم : «معكم منه شيء ؟ » فقالوا : نعم ، فأعطوه منه فأكله .


                                                                                                                                                                                                                              السادس : في أكله صلى الله عليه وسلم الجراد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الخمسة وأبو نعيم في الطب وابن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو ست غزوات فكنا نأكل معه الجراد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثنني فألتقط لهن الجراد فيقلينه بالزيت ثم يطعمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : فيما جاء في لحم الفرس .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما أنهم نحروا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فأكلنا نحن ، وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في أكله صلى الله عليه وسلم لحم الدجاج .

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج . [ ص: 190 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عدي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما ، ثم يأكلها بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل الدجاج حبسه ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : في أكله صلى الله عليه وسلم لحم الحبارى .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود والترمذي والبيهقي والمحاملي وابن عدي عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني في الأفراد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : بعثتني أمي أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطير مشوي ، ومعه أربعة أرغفة ، فأتيته به فقال : «يا أنس ادع لنا من يأكل معنا من هذا الطير» ،

                                                                                                                                                                                                                              فذكر الحديث ، ويأتي في مناقب علي رضي الله تعالى عنه ، قال أبو الحسن ابن الضحاك : قد ذكر عن أنس أن الطير كان حبارى مفسرا ولم يرد هنا مفسرا .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : في أكله صلى الله عليه وسلم الأرنب .

                                                                                                                                                                                                                              روى الستة عن أنس رضي الله تعالى عنه نفجنا أرنبا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا ، فأدركتها فأخذتها ، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها بمروة وشويتها فبعث معي أبو طلحة بعجزها ، وفي لفظ بوركها ، وفي لفظ بفخذها ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها ، ولفظ البخاري- في الهبة- فأكلها . وفي لفظ : فأكله ، قيل له : أكله ؟ قال : «قبله» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرنب وأنا نائمة ، فخبأ لي منها العجز ، فلما قمت أطعمني .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب وأنا جالس ، فلم يأكلها ، ولم ينه عنها ، وذكر أنها تحيض .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن خزيمة بن جزء رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله ما تقول في الأرنب ؟ قال : «لا آكله ، ولا أحرمه» ، قلت : فإني آكل ما لم تحرم ، قلت : ولم يا رسول الله ؟ [ ص: 191 ] قال : «إن لها دما

                                                                                                                                                                                                                              وقال في زاد المعاد : » أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم الجزور ، والضأن ، والدجاج ، ولحم الحبارى ولحم حمار الوحش ، والأرنب ، وطعام البحر .

                                                                                                                                                                                                                              الحادي عشر : في أكله صلى الله عليه وسلم الحجل .

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي والحاكم ، وصححه ، وابن السني وأبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي فقال : «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير» ، فجاء علي رضي الله تعالى عنه فأكل منه .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني عشر : في أكله صلى الله عليه وسلم لحم شاة من الأروى .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو إسحاق المذكي في أماليه انتقاء الدارقطني عن حازم رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيد صدته : شاة من الأروى فأهديتها إليه فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل منها وكساني عمامة عدنية وقال لي : «ما اسمك ؟ » قلت : حازم ، قال : «لست بحازم ، ولكنك مطعم» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : في أكله صلى الله عليه وسلم لحم حمار الوحش .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال : كنت جالسا مع رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل بطريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل أمامنا ، والقوم محرمون ، وأنا غير محرم ، فأبصروا حمارا وحشيا ، وأنا مشغول أخصف نعلي ، فلم يؤذنوني به ، وأحبوا لو أني أبصرته ، فالتفت فأبصرته ، فقمت إلى الفرس ، فأسرجته : ثم ركبت ونسيت السوط والرمح ، فقلت لهم : ناولوني السوط والرمح ، فقالوا : لا والله لا نعينك عليه بشيء ، فغضبت ، فنزلت ، فأخذتهما ، ثم ركبت وشددت على الحمار فعقرته ، ثم جئت به وقد مات ، فوقعوا فيه يأكلونه ، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهو حرم فرحنا ، وخبأت العضد معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،

                                                                                                                                                                                                                              فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألناه عن ذلك فقال : «معكم شيء ؟ » قلت : نعم ، فناولته العضد ، فأكلها حتى نفذها وهو محرم
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع عشر : في أكله صلى الله عليه وسلم المخ .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري في المجالسة عن معن بن كثير عن أبيه أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه- قال- أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحفة وجفنة مملوءة [ ص: 192 ] مخا ، فقال : «يا أبا ثابت ما هذا ؟ » فقال : والذي بعثك بالحق لقد نحرت وذبحت أربعين ذات كبد ، فأحببت أن أشبعك من المخ ، قال : فأكل ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، بخير

                                                                                                                                                                                                                              قال إبراهيم بن حبيب : سمعت أن الخيزران حدثت بهذا الحديث ، فقسمت قسما من مالها على ولد سعد بن عبادة ، وقالت : أكافئ ولد سعد عن فعله برسول الله صلى الله عليه وسلم .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية