الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس في شياهه ، ومنائحه ، صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              وفيه نوعان :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في فضل الغنم .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو يعلى برجال ثقات عن البراء رضي الله تعالى عنه قال : الغنم بركة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « عليكم بالغنم ، فإنها من دواب الجنة ، فصلوا في مراحها ، وامسحوا رعامها » قلت : ما الرعام ؟ قال : «المخاط » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : افتخر أهل الإبل والغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الفخر ، والخيلاء في أهل الإبل ، والسكينة ، والوقار في أهل الغنم » ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بعث موسى ، وهو يرعى غنما على أهله ، وبعثت أنا ، وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال الصحيح والطبراني عن وهب بن كيسان قال : مر أبي على أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : أين تريد ؟ قال : غنيمة لي قال : نعم ، امسح رعامها ، وأطب مراحها ، وصل في جانب مراحها ، فإنها من دواب الجنة ، وأيسر بها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن ماجه عن أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : « اتخذ غنما يا أم هانئ ، فإنها تروح ، وتغدو بخير » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أكرموا المعز ، وامسحوا رعامها ، فإنها من دواب الجنة » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحسنوا إلى المعز ، وأميطوا عنها الأذى ، فإنها من دواب الجنة » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا بإسناد لا بأس به عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « السكينة في أهل الشاة ، والبقر » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا مرفوعا وموقوفا عن علي رضي الله تعالى عنه قال : ما من قوم في بيتهم ، أو عندهم شاة إلا قدسوا كل يوم مرتين ، وبورك عليهم مرتين ، يعني شاة لبن .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 412 ] وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « استوصوا بالمعز خيرا ، فإنها مال رقيق ، وهو في الجنة ، وأحب المال إلى الله تعالى الضأن » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أتقاه ، ما أنقاه ، راعي غنم على رأس جبل ، يقيم الصلاة » .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في عدد شياهه ، ومنائحه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمامان الشافعي ، وأحمد ، وأبو داود عن لقيط بن صبرة رضي الله تعالى عنه قال : كنت وافد بني المنتفق أو في وفد بني المنتفق ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم نصادفه في منزله وصادفنا عائشة ، فأوتينا بقناع فيه تمر ، والقناع الطبق ، وأمرت لنا بخزيرة ، فصنعت لنا ، ثم أكلنا ، فلم نلبث أن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «هل أكلتم شيئا ؟ هل أمر لكم بشيء ؟ » فقلنا : نعم ، فلم نلبث أن دفع الراعي غنمه إلى المراح فإذا شاة تيعر ، فقال : «هيه يا فلان ما ولدت ؟ » قال : بهمة ، قال : «فاذبح لنا مكانها شاة » ، ثم انحرف إلي فقال : «لا تحسبن أن من أجلك ذبحناها ، لنا غنم مائة ، لا نريد أن تزيد ، فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن إبراهيم بن عبد ، من ولد عتبة بن غزوان قال : كانت منائح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم عشرا .

                                                                                                                                                                                                                              الأولى : عجوة .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية : زمزم .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة : سقيا .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة : بركة .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة : ورسة .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة : إطلال .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة : إطراف .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة : قمرة .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة : غوثة أو غوثية ، قال ابن الأثير : كانت له صلى الله عليه وسلم شاة تسمى غوثة ، وقيل غيثة ، وعنز تسمى اليمن .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعنز [ ص: 413 ] منائح ، ترعاهن أم أيمن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن محمد بن عبد الله بن الحصين قال : كانت منائح رسول الله صلى الله عليه وسلم ترعى بأحد وتروح كل ليلة على البيت الذي يدور فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها شاة تسمى قمرا ، ففقدها يوما ، فقال : «ما فعلت ؟ » فقالوا : ماتت يا رسول الله ، قال : «ما فعلتم بإهابها ؟ » قالوا ميتة ، قال : «دباغها طهورها » .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية