الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9163 - المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف: إن قيد انقاد، وإذا أنيخ على صخرة استناخ ( ابن المبارك ) عن مكحول مرسلا (هب) عن ابن عمر - (ض)

التالي السابق


(المؤمنون هينون لينون) قال ابن الأعرابي : تخفيفهما للمدح وتثقيلهما للذم، وقال غيره: هما سواء، والأصل التثقيل كميت وميت، والمراد بالهين سهولته في أمر دنياه ومهمات نفسه، أما في أمر دينه فكما قال عمر : فصرت في الدين أصلب من الحجر، وقال بعض السلف: الجبل يمكن أن ينحت منه، ولا ينحت من دين المؤمن شيء، واللين لين الجانب وسهولة الانقياد إلى الخير والمسامحة في المعاملة (كالجمل) أي كل واحد منهم. قال الزمخشري : ويجوز جعله صفة لمصدر محذوف، أي لينون لينا مثل لين الجمل (الأنف) بفتح الهمزة وكسر النون، من أنف البعير إذا اشتكى أنفه من البرة، فقد أنف على القصر، وروي آنف بالمد. قال الزمخشري : والصحيح الأول اهـ. وبالغ في شرح المصابيح فقال: المد خطأ، قال ابن الكمال: مدحهم بالسهولة واللين لأنهما من الأخلاق الحسنة على ما نطق به الكتاب المبين فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فإن قلت: من أمثالهم: لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر، ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ، ففيه نهي عن اللين، فما وجه كونه مدحا؟ قلت: لا شبهة في أن خير الأمور أوساطها، وقد أطبق العقل والنقل على أن طرفي الإفراط والتفريط في الأفعال والأحوال والأقوال مذموم، إنما الممدوح ما في الطبيعة من حالة جبلية مقابلة لغلظ القلب وقساوته، وإنما يعبر عنها باللين تسمية لها باسم أثرها، وذلك سائغ (إن قيد انقاد، وإذا أنيخ على صخرة استناخ) فإن البعير إذا كان أنفا للوجع الذي به ذلولا منقادا إلى طريق سلك به فيه أطاع، والمراد أن المؤمن سهل، يقضي حوائج الناس ويخدمهم، وشديد الانقياد للشارع في أوامره ونواهيه، وخص ضرب المثل بالجمل؛ لأن الإبل أكثر أموالهم وآخرها. قال في الفائق: والمحذوف من يائي "هين لين" الأولى، وقيل الثانية، والكاف مرفوعة المحل على أنها خبر ثالث

( ابن المبارك ) في كتاب الزهد والرقائق، من حديث سعيد بن عبد العزيز (عن مكحول مرسلا، هب) عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ، ورواه عنه القضاعي أيضا، وقال العامري: إنه حسن، وقضية صنيع المصنف أن مخرجه خرجه ساكتا عليه، والأمر بخلافه، فإنه خرج المرسل أولا، ثم هذا، ثم قال: المرسل أصح اهـ. وذلك لأن في المسند عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد ، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم : أحاديثه منكرة، وقال ابن الجنيد: لا يساوي فلسا، وقال العقيلي في الضعفاء: هذا الحديث من منكرات عبد العزيز، وقال ابن طاهر: لا يتابع على رواياته.



الخدمات العلمية