الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8593 - من تشبه بقوم فهو منهم (د) عن ابن عمر (طس) عن حذيفة - (ح)

التالي السابق


(من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره بزيهم، وفي تعرفه بفعلهم، وفي تخلقه بخلقهم، وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم، أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن (فهو منهم) وقيل المعنى: من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون، ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم، ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه، وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر بصورتهم قتل، وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء، كذا ذكره ابن رسلان، وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال: لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم؛ فقد يظن به من لا يعرفه أنه منهم، فيظن به ظن السوء، فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه، وقال بعضهم: قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات، وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها، وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة، وقد بعث الله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر في هذا الحديث، وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها: أن المشاركة في الهدي في الظاهر تؤثر تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس؛ فإن لابس ثياب العلماء مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، وتصير طبيعته منقادة لذلك، إلا أن يمنعه مانع، ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه. وقال ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، فكما في قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم وهو نظير قول ابن عمرو : من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت، حشر يوم القيامة معهم، فقد حمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها كان حكمه كذلك

(هـ) في اللباس (عن ابن عمر ) بن الخطاب، قال الزركشي: فيه ضعف، ولم يروه عن ابن خالد إلا كثير بن مروان ، [ ص: 105 ] وقال المصنف في الدرر: سنده ضعيف، وقال الصدر المناوي: فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف كما قاله المنذري، وقال السخاوي : سنده ضعيف،لكن له شواهد، وقال ابن تيمية: سنده جيد، وقال ابن حجر في الفتح: سنده حسن. (طس عن حذيفة ) بن اليمان. قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات اهـ. وبه عرف أن سند الطبراني أمثل من طريق أبي داود.



الخدمات العلمية