الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9312 - النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون (حم م) عن أبي موسى - (صح)

التالي السابق


(النجوم) أي الكواكب، سميت بها لأنها تنجم أي تطلع من مطالعها في أفلاكها (أمنة للسماء) الأمنة بفتحات، وقيل بضم ففتح: مصدر بمعنى الأمن، فوصفها بالأمنة من قبيل قولهم: رجل عدل، يعني أنها سبب أمن السماء، فما دامت النجوم باقية لا تنفطر ولا تتشقق ولا يموت أهلها (فإذا ذهبت النجوم) أي تناثرت (أتى السماء ما توعد) من الانفطار والطي كالسجل، قيل: ويمكن كون "أمنة" جمع أمن، وعليه فقوله (وأنا أمنة لأصحابي) من قبيل إن إبراهيم كان [ ص: 297 ] أمة قانتا لله (فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون) من الفتن والحروب واختلاف القلوب، وقد وقع (وأصحابي أمنة لأمتي) أمة الإجابة (فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) من ظهور البدع، وغلبة الأهواء، واختلاف العقائد، وطلوع قرن الشيطان، وظهور الروم، وانتهاك الحرمين، وكل هذه معجزات وقعت، قال ابن الأثير: فالإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير، فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه، وبموته جالت الآراء، واختلفت الأهواء، وقلت الأنوار، وقويت الظلم، وكذا حال السماء عند ذهاب النجوم، وقال بعضهم: الأمنة الوافر الأمانة الذي يؤتمن على كل شيء، سمى المصطفى صلى الله عليه وسلم به لأنه ائتمنه على وحيه ودينه، ثم هذا لا تعارض بينه وبين الحديث المار "إن الله إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها" لاحتمال كون المراد برحمتهم أمنهم من المسخ والقذف والخسف ونحو ذلك من أنواع العذاب، وبإتيان ما يوعدون من الفتن بينهم بعد أن كان بابها منسدا عنهم بوجوده، قال العامري: عنى هنا أئمة أصحابه الذين لازموا دوام صحبته سفرا وحضرا، فتفقهوا في الدين وعلوم القرآن، وساروا بهديه ظاهرا وباطنا، وهم القليل عددا من أصحابه، يقتدي بهم كل من وقع في عمياء الجهل، وقال الترمذي الحكيم : في حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ليس كل من لقيه وتابعه أو رآه رؤية واحدة دخل فيه، إنما هم من لازمه غدوا وعشيا، فكان يتلقى الوحي منه طويا، ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهاجا للأمة، وينظر منه إلى أدب الإسلام وشمائله، فصاروا من بعده أئمة أدلة، فيهم الاقتداء، وعلى سيرتهم الاحتذاء، وبهم الأمان والإيمان

(حم عن أبي موسى) الأشعري قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء، فجلسنا، فخرج علينا وقال: ما زلتم ههنا؟ قلنا: صلينا معك المغرب، ثم قلنا: لو جلسنا معك حتى نصلي العشاء، قال: أحسنتم وأصبتم، قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرا ما يرفع رأسه إليها، ثم ذكره. ولم يخرجه البخاري .



الخدمات العلمية