الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) القراءات ( السبع متواترة ) عند الأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة من علماء السنة . نقله السرخسي من أصحاب الشافعي في كتاب الصوم من الغاية . وقال : قالت المعتزلة : آحاد انتهى . واستدل من قال : إنها آحاد كالطوفي في شرحه . قال : والتحقيق أنها تواترت عنهم لا إليهم - بأن أسانيد الأئمة السبعة بهذه القراءات السبع إلى النبي صلى الله عليه وسلم موجودة في كتب القراءات .

وهي نقل الواحد عن الواحد ، لم تستكمل شروط التواتر . ورد بأن انحصار الأسانيد في طائفة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم . فقد كان يتلقى القراءة من كل بلد بقراءة إمامهم الذي من الصحابة أو من غيرهم : الجم الغفير عن مثلهم . وكذلك دائما ، فالتواتر حاصل لهم ، ولكن الأئمة الذين قصدوا ضبط الحروف وحفظوا شيوخهم فيها جاء السند من قبلهم . وهذا كالأخبار الواردة في حجة الوداع هي آحاد ، ولم تزل حجة الوداع منقولة عمن يحصل بهم التواتر عن مثلهم في كل عصر .

فينبغي أن يتفطن لذلك ، ولا يغتر بقول من قال : إن أسانيد القراء تشهد بأنها آحاد .

وإذا تقرر هذا ، فاستثنى ابن الحاجب ومن تبعه من المتواتر ما كان من قبيل صفة الأداء ، كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه . ومراده : مقادير المد وكيفية الإمالة لا أصل المد والإمالة . فإن ذلك متواتر قطعا . فالمقادير ، كمد حمزة وورش . فإنه قدر ست ألفات . وقيل : خمس . وقيل : أربع . ورجحوه . ومد عاصم : قدر ثلاث ألفات ، والكسائي : قدر ألفين ونصف وقالون : قدر ألفين ، والسوسي : قدر ألف ونصف ونحو ذلك . وكذلك الإمالة تنقسم إلى محضة . وهي أن ينحني بالألف إلى الياء ، وبالفتحة إلى الكسرة ، وإلى بين بين . وهي كذلك ، إلا أنها تكون إلى الألف والفتحة أقرب ، وهي المختارة عند الأئمة . أما أصل التخفيف في الهمزة والتشديد فمتواتر ، وأما كون أن من القراء من يسهله . ومنهم من يبدله ونحو ذلك . فهذه الكيفية هي التي ليست متواترة . ولهذا كره الإمام أحمد رضي الله عنه وجماعة من السلف قراءة حمزة لما فيها من طول المد والكسر والإدغام ونحو ذلك ; [ ص: 203 ] لأن الأمة إذا أجمعت على فعل شيء لم يكره فعله . وهل يظن عاقل أن الصفة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت إلينا يكرهها أحد من المسلمين ؟ فعلمنا بهذا أن هذه الصفات ليست متواترة ، وهو واضح . وهو ظاهر كلام أحمد وجمع ، وكذلك قراءة الكسائي ; لأنها كقراءة حمزة في الإمالة والإدغام . كما نقله السرخسي في الغاية . فلو كان ذلك متواترا لما كرهه أحد من الأئمة . وزاد أبو شامة الألفاظ المختلف فيها بين القراء أي اختلفوا في صفة تأديتها . كالحرف المشدد ، يبالغ بعضهم فيه حتى كأنه يزيد حرفا ، وبعضهم لا يرى ذلك ، وبعضهم يرى التوسط بين الأمرين ، وهو ظاهر ، ويمكن دخوله تحت قول ابن الحاجب في الاحتراز عنه في استثنائه ما ليس من قبيل الأداء ، لكن قال ابن الجزري : لا نعلم أحدا تقدم ابن الحاجب إلى ذلك ; لأنه إذا ثبت تواتر اللفظ ثبت تواتر هيئته ; إذ اللفظ لا يقوم إلا به ، ولا يصح إلا بوجوده ( ومصحف عثمان ) بن عفان ( رضي الله عنه ) الذي كتبه وأرسل منه إلى الآفاق مصاحف عديدة ( أحد الحروف السبعة ) قال الشيخ تقي الدين قال أئمة السلف : مصحف عثمان رضي الله عنه أحد الحروف السبعة . وقال العلامة أبو شامة الفقيه المحدث الإمام في القراءات في كتابه المرشد : إن القراءات التي بأيدي الناس من السبعة والعشرة وغيرها هي حرف من قول النبي صلى الله عليه وسلم { أنزل القرآن على سبعة أحرف } انتهى ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية