الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ونهي ) عن شيء ( بعد أمر ) به ( للتحريم ) قاله القاضي وأبو الخطاب والحلواني والموفق والطوفي والأكثر . وحكاه الأستاذ أبو إسحاق والباقلاني إجماعا . وقال أبو الفرج المقدسي : للكراهة . قال : وتقدم الوجوب قرينة في أن النهي بعده للكراهة ، وقطع به . وقاله القاضي وأبو الخطاب : ثم سلما أنه للتحريم ; لأنه آكد . وقال في الروضة : هو لإباحة الترك ، كقوله عليه الصلاة والسلام { ولا توضئوا من لحوم الغنم } ثم سلم أنه للتحريم . وقيل : للإباحة . كالقول في مسألة الأمر بعد الحظر . ويدل عليه قوله تعالى { إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني } ووقف أبو المعالي لتعارض الأدلة . وفرق الجمهور بين الأمر بعد الحظر ، والنهي بعد الأمر بوجوه . أحدها : أن مقتضى النهي وهو الترك موافق للأصل ، بخلاف مقتضى الأمر ، وهو الفعل . الثاني : أن النهي لدفع مفسدة المنهي عنه والأمر لتحصيل مصلحة المأمور به . واعتناء الشارع بدفع المفاسد أشد من جلب المصالح . الثالث : أن القول بالإباحة في الأمر بعد التحريم سببه وروده في القرآن والسنة كثيرا للإباحة . وهذا غير موجود في النهي بعد الوجوب . انتهى ( وكأمر خبر بمعناه ) يعني أن الأمر الذي بلفظ الخبر نحو قوله تعالى { والمطلقات يتربصن } حكمه حكم الأمر الصريح في جميع ما تقدم ; لأن الحكم تاج للمعنى الذي دل عليه اللفظ دون صورة اللفظ ، وكذا النهي بلفظ الخبر . ومنه قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } واستدل على أنهما كالأمر والنهي الصريح بدخول النسخ فيهما ; إذ الأخبار المحضة لا يدخلها النسخ ( وأمر ) من الشارع ( بأمر ) لآخر ( بشيء ليس أمرا به ) أي بذلك الشيء عندنا وعند الأكثر . كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عن ابنه عبد الله { مره فليراجعها } وقوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 335 ] { مروهم بالصلاة لسبع } وقوله سبحانه وتعالى { وأمر أهلك بالصلاة } لأنه مبلغ لا آمر ، ولأنه لو كان آمرا لكان قول القائل : مر عبدك بكذا ، مع قول السيد لعبده لا تفعله : أمرين متناقضين ( و ) قوله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { خذ من أموالهم صدقة } تطهرهم ( ليس ) ذلك ( أمرا لهم بإعطاء ) قال في شرح التحرير : على الصحيح ، ولم يعلله ولم يعزه إلى أحد . وقال بعض العلماء : يجب عليهم الإعطاء من حيث إن الأمر بالأخذ يتوقف عليه فيجب من حيث كونه مقدمة الواجب كالطهارة للصلاة . وإن اختلف الفاعل هنا . فيكون كالأمر لهم ابتداء

التالي السابق


الخدمات العلمية