الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( إذا ) ( إذا ) تأتي ( لمفاجأة حرفا ) وهي التي يقع بعدها المبتدأ ، فرقا بينها وبين الشرطية . فإن الواقع بعدها الفعل . وقد اجتمعا في قوله تعالى ( { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } ) ومن أمثلة المفاجأة ( { [ ص: 86 ] فألقاها فإذا هي حية تسعى } ) ولا تحتاج إذا المفاجأة إلى جواب . ومعناها الحال . قال ابن الحاجب : ومعنى المفاجأة : حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية ، وتصويره في قولك : خرجت فإذا الأسد [ فمعناه ] ، حضور الأسد معك في زمن وصفك بالخروج ، أو في مكان خروجك ، وحضوره معك في مكان خروجك ألصق بك من حضوره في زمن خروجك ; لأن ذلك المكان يحصل دون من أشبهك .

وذلك الزمان لا يخصك دون من أشبهك . وكلما كان ألصق كانت المفاجأة فيه أقوى ( و ) تأتي " إذا " ( ظرفا ل ) زمن ( مستقبل لا ماض وحال ) ( متضمنة معنى الشرط غالبا ) ولذلك تجاب هي بما تجاب به أدوات الشرط نحو إذا جاء زيد فقم إليه ، فهي باقية على ظرفيتها ، إلا أنها ضمنت معنى الشرط .

ولذلك لم يثبت لها سائر أحكام الشرط : فلم يجزم بها المضارع ، ولا تكون إلا في المحقق . ومنه ( { وإذا مسكم الضر في البحر } ) لأن مس الضر في البحر محقق ولما لم يقيد بالبحر أتى " بإن " التي تستعمل في المشكوك فيه نحو ( { وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض } ) وتختص بالدخول على الجملة الفعلية المعنى .

وما قلناه في المتن من كون " إذا " لا تجيء لماض ولا لحال هو الذي عليه الجمهور .

وتأولوا ما أوهم خلاف ذلك . ومما أوهم مجيئها للماضي : نحو قوله تعالى { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } { وإذا رأوا تجارة أو لهوا } ومما أوهم مجيئها للحال نحو قوله تعالى ( { والليل إذا يغشى } ) ، ( { والنجم إذا هوى } ) وقالوا : إنها لما جردت هنا عن الشرط جردت عن الظرف . فتكون هنا لمجرد الوقت من غير أن تكون ظرفا مختصة بأحد الأزمنة الثلاثة

التالي السابق


الخدمات العلمية