الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وجاز ارتزاقه ) أي القاسم ( من بيت المال ) وحينئذ يحرم عليه الأخذ ممن يقسم لهم كما مر ( لا شهادته ) على من قسم لهم أن كل واحد وصله حقه من القسمة فلا تجوز ولو تعدد ; لأنها شهادة على فعل النفس ، وهذا إذا شهد عند غير من أرسله [ ص: 505 ]

وأما عند من أرسله فيجوز وفي الحقيقة كلام المصنف غير محتاج لتقييد إذ حقيقة الشهادة إنما تكون عند غير القاضي الذي أرسله ، وأما عند من أرسله فإعلام بما حصل ( و ) جاز ( في قفيز ) مشترك بين اثنين مناصفة ( أخذ أحدهما ثلثيه والآخر ثلثه ) أو أقل أو أكثر مراضاة فقط لا قرعة إذا استوى الثلث والثلثان جودة أو رداءة ( لا إن زاد ) أحدهما ( عينا ) لصاحبه لأجل دناءة نصيبه ( أو ) زاد ( كيلا لدناءة ) في منابه وسواء كان المقسوم عينا أو طعاما فلا يجوز لدوران الفضل من الجانبين ويؤخذ منه أن الزيادة إذا وقعت في الأجود جاز كما إذا استويا جودة أو رداءة .

( و ) جاز ( في كثلاثين قفيزا ) من حب مشترك بينهما سوية ( وثلاثين درهما ) كذلك ( أخذ أحدهما عشرة دراهم وعشرين قفيزا ) والآخر عشرين درهما وعشرة أقفزة ( إن اتفق القمح ) أو غيره من الحب ( صفة ) سمراء أو محمولة نقيا أو غلثا بناء على أنها تمييز حق لا بيع بمنزلة قسم المكيل وحده تفاضلا والدراهم وحدها تفاضلا وقد علمت جوازه حيث اتفق جودة ورداءة فإن اختلفت صفة القمح لم يجز لاختلاف الأغراض فينتفي المعروف وكذا إن اختلفت الدراهم لكن العبرة في الدراهم باختلاف الرواج لا الذات فاختلافها في صفتها مع الاتفاق في الرواج لا يضر على المعتمد ; لأنها لا ترد لأعيانها ( ووجب غربلة قمح ) وغيره من الحب ( لبيع ) أي لأجل بيعه ( إن زاد غلثه على الثلث وإلا ) يزد على الثلث بأن كان الثلث فدون ( ندبت ) الغربلة [ ص: 506 ] بخلاف القسمة فلا تجب فيها الغربلة ولو زاد الغلث على الثلث

التالي السابق


( قوله وحينئذ ) أي وحين إذا رزق الإمام القاسم من بيت المال حرم عليه الأخذ ممن يقسم لهم سواء كانوا أيتاما أو لا وكذلك إذا جعل له الإمام أو القاضي في كل تركة أو في كل شركة كذا سواء قسم أو لم يقسم فإنه ممنوع بلا خلاف .

وأما إذا جعل له في كل تركة أو شركة كذا إذا قسم وقسم بالفعل فأخذه مكروه كانوا أيتاما أم لا ، وأما الشركاء إذا تراضوا على من يقسم لهم بأجر معلوم فذلك جائز بلا خلاف هذا محصل ما في المدونة والتوضيح وابن عرفة عن عياض ( قوله ، وهذا إذا شهد عند غير من أرسله ) أي وسواء كان مقاما من طرف القاضي أو لا كما هو المنصوص في المواق وغيره .

وأما قول عبق ، وهذا كله إذا لم يكن مقاما من طرف القاضي وإلا جازت شهادته على فعل نفسه [ ص: 505 ] عند من أقامه وعند غيره فهذا القيد غير صحيح والنص بخلافه انظر المواق وغيره ا هـ .

بن ( قوله ، وأما عند من أرسله فيجوز ) أي ولو بعد عزله حيث تولى بعد ذلك وشهد عنده حال التولية ( قوله وفي قفيز أخذ إلخ ) أخذ على ارتزاقه والجار والمجرور أعني في قفيز فاصل بين العاطف والمعطوف والقفيز ثمانية وأربعون صاعا وهو المسمى عندنا بمصر زكيبة ا هـ .

شيخنا عدوي ( قوله مراضاة فقط لا قرعة ) أي .

وأما بالقرعة فيمنع ولو على القول بدخولها في المثليات ; لأنه لا بد في الجواز في هذه المسألة من رضا الشريكين بالتفاضل والقرعة إنما تكون عند المشاحة وما ذكره المصنف من الجواز في مسألة القفيز إذا وقع القسم مراضاة مبني على أن المراضاة تمييز حق لا أنها بيع وإلا فالمنع فما ذكره المصنف من الجواز فرع مشهور مبني على ضعيف ; لأن المشهور أن المراضاة بيع ( قوله إذا استوى الثلث والثلثان جودة أو رداءة ) أي وكذا إذا كان الثلث أردأ لتمحض الفضل ، وهو معنى قول الشارح الآتي ويؤخذ منه إلخ .

وأما إذا كان الثلثان أردأ فالمنع لدوران الفضل من الجانبين ( قوله لا إن زاد أحدهما عينا إلخ ) أي لا يجوز إذا اقتسما عينا أن يزيد آخذ الجيدة عينا لآخذ الرديئة لأجل دناءة ما أخذه ولا يجوز إذا اقتسما طعاما أن يزيد آخذ الجيد كيلا لآخذ الرديء لدناءة ما أخذه .

( قوله لدوران الفضل من الجانبين ) أي الفضل الحكمي ; لأن الجودة منزلة منزلة الزيادة في العدد فصاحب الجيدة يرغب لها لجودتها ، وإن كانت أقل عددا وآخذ الدنيئة يرغب لها لكثرتها فلما دار الفضل من الجانبين انتفى قصد المعروف فغلب جانب البيع ( قوله في الأجود جاز ) أي بأن دفع آخذ الأردإ لآخذ الأجود زيادة ( قوله كما إذا استويا جودة أو رداءة ) أي وزاد أحدهما لصاحبه ( قوله أخذ أحدهما ) على سبيل المراضاة إذ لا يجمع في القرعة بين نوعين ( قوله على أنها ) أي المراضاة تمييز حق فهو فرع مشهور مبني على ضعيف ( قوله لا بيع ) أي وإلا لمنع لما فيه من بيع طعام ودراهم بمثلها وقوله بمنزلة أي فذلك بمنزلة إلخ ( قوله فإن اختلف صفة القمح ) أي بأن أخذ أحدهما محمولة والآخر سمراء أو أخذ أحدهما نقيا والآخر غلثا ( قوله لاختلاف الأغراض ) أي ; لأن عدولهما عما هو الأصل من أخذ كل واحد حصته في الأقفزة والدراهم إنما هو لغرض ، وهو هنا المكايسة .

( قوله وكذا إن اختلفت الدراهم ) أي في الصفة فإنه لا يجوز كما قال بعضهم وعلل ذلك بأنها إذا اختلفت في الصفة اختلفت الأغراض فينتفي المعروف ; لأن عدولهم عما هو الأصل من أخذ كل واحد حصته في الدراهم إنما هو لغرض المكايسة وقوله لكن العبرة إلخ هذا إشارة لطريقة أخرى ، وهي المعتمدة وحاصلها أنه لا يشترط في الجواز اتفاق الدراهم في الصفة والعبرة إنما هو باتفاقها في الرواج فاختلافها في الصفة مع الاتفاق في الرواج لا يضر وهذه الطريقة ظاهر المصنف حيث خصص شرط الاتفاق في الصفة بالقمح فيقتضي أن الدراهم لا يشترط اتفاقها صفة ( تنبيه ) مثل مسألة المصنف في الجواز مسألة المدونة ، وهي مائة قفيز قمح ومائة قفيز شعير شركة بين اثنين اقتسماها مراضاة فأخذ أحدهما ستين قمحا وأربعين شعيرا وأخذ الآخر ستين شعيرا وأربعين قمحا فيجوز مع اتفاق الحب في الصفة بناء على أنها تمييز حق ( قوله ووجب غربلة قمح إن زاد غلثه على الثلث ) أي سواء كان الغلث تبنا أو غيره وكذا يجب تنقية بلح زاد حشفه البالي الذي لا حلاوة فيه على الثلث وإنما وجبت الغربلة عند زيادة الغلث على الثلث ; لأن بيعه من غير غربلة فيه غرر كثير [ ص: 506 ] قوله بخلاف القسمة ) أي بالقرعة بناء على دخولها في المكيلات والموزونات وإنما اغتفر فيها عدم الغربلة ; لأنها تمييز حق فيغتفر فيها ما لا يغتفر في البيع وذكر المصنف مسألة البيع هنا مع أنه لا تعلق لها بالقسمة إشارة إلى أن الغربلة فيها ليس حكمها كالبيع




الخدمات العلمية