الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجوز ) للمشتري ( إحالة البائع به ) أي بالثمن على الشفيع ; لأن الحوالة إنما تكون بدين حال ولما فيه من بيع دين بدين ; لأن البائع ترتب له في ذمة المشتري دين باعه بدين على الشفيع فلو لم تقع الحوالة إلا بعد حلول المحال به جازت ( كأن أخذ ) الشفيع ( من أجنبي مالا ليأخذ ) الشقص من المشتري بالشفعة ( ويربح ) المال الذي أخذه ابتداء ، أو يربح في بيعه له بأن يبيعه له زيادة على ما أخذه به فلا يجوز ; لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل وكذا لا يجوز أن يأخذ ليهب ، أو يتصدق فلا يجوز الأخذ إلا ليتملك فلو قال كأخذه لغيره لكان أخصر ، وأشمل فإن أخذ لغيره سقطت شفعته ولذا قال ( ثم لا أخذ له ) بعد ذلك .

وأما إن أخذ ليبيع فقولان [ ص: 479 ] بالجواز وعدمه الأظهر الثاني ( أو باع قبل أخذه ) بالفعل لم يجز ; لأنه باع قبل أن يملك ولكن لا تسقط بذلك شفعته ولذا أخره عن قوله ، ثم لا أخذ له ( بخلاف أخذ مال ) من المشتري ( بعده ) أي بعد الشراء ( ليسقط ) شفعته فيجوز .

التالي السابق


( قوله ولما فيه إلخ ) عطف علة على مثلها ; لأن الحوالة رخصة يقتصر فيها على ما ورد من الحلول ( قوله كأن أخذ الشفيع ) أي مستحق الشفعة وقوله من أجنبي أي غير المشتري وغير البائع وقوله مالا أي كالجعالة ، وذلك كأن يقول أجنبي للشفيع أعطيك دينارا جعالة على أنك تأخذ الشقص من المشتري بما اشتراه به ، وأنا أشتريه منك بذلك الثمن ( قوله من المشتري بالثمن ) أي بمثل الثمن الذي دفعه المشتري ( قوله في بيعه له ) أي لذلك الأجنبي ( قوله بزيادة على ما أخذه به ) أي كما إذا بيع الشقص بعشرة فيقول الأجنبي للشفيع خذه بالشفعة ، وأنا آخذه منك باثني عشر فأربحك فيه اثنين ، وهذه الصورة تخالف ما قبلها من جهة أن الزائد على الثمن الذي اشترى به المشتري دفع للشفيع في الأولى على أنه جعالة وفي الثانية دفع له على أنه ربح وزاد خش تبعا لتت صورة ثالثة غير الصورتين المذكورين هنا في الشرح ، وهي أن يأخذ من أجنبي مالا على أن يأخذ بالشفعة لنفسه ليس للأجنبي غرض في دفع المال إلا إنكاء المشتري ، وإضراره ا هـ قال المسناوي ، والظاهر أنه في هذه الصورة لا تسقط شفعته ولا يأتي فيها قول المصنف ، ثم لا آخذ له وقال طفى أن هذه الصورة تحتاج لنص عليها وعلى أنه لا أخذ له بالشفعة ا هـ بن ( قوله من باب أكل أموال الناس بالباطل ) فيه أنه كالجعالة ; لأن استحقاقه لذلك المال معلق على إسقاط حق يحصل فالأولى أن يعلل المنع بأنه خلاف مورد الشفعة ; لأنها إنما شرعت لدفع ضرر الشركة عن نفسه لا ليربح ا هـ شيخنا ( قوله وكذا لا يجوز أن يأخذ ليهب ، أو يتصدق ) أي ، أو ليوليه لغيره وحينئذ فلا مفهوم لقول المصنف ليربح ( قوله كأخذه لغيره ) أي لغير نفسه ( قوله سقطت شفعته ) أي ; لأن أخذه لغيره إعراض عنها لنفسه ومحل سقوطها إذا علم ذلك ببينة وقال المتيطي عن أشهب وكذلك إذا ثبت ذلك .

[ ص: 479 ] بإقرار الشفيع ، والمبتاع لا بإقرار أحدهما ا هـ .

بن ( قوله بالجواز وعدمه ) الأولى فقولان في سقوط شفعته وليس له أن يأخذ بعد ذلك وعدم سقوطها ( قوله ، أو باع قبل أخذه ) أي باع الشقص الذي يستحق أخذه بالشفعة لأجنبي قبل أخذه إياه بالفعل ، قال في المدونة ولا يجوز بيع الشقص قبل أخذه إياه بالشفعة ا هـ ، وإنما حملنا كلام المصنف على بيع الشقص لأجنبي ; لأن بيعه للمشتري هو الصورة الآتية بعد وجعلنا مفعول باع الشقص الذي يستحق أخذه بالشفعة ولم نجعله الشقص الذي تستحق الشفعة بسببه ; لأن هذا سيأتي المصنف بذكره في مسقطاتها حيث قال ، أو باع حصته ( قوله قبل أن يملك ) أي ; لأن من ملك أن يملك لا يعد مالكا ( قوله أخذ مال ) أي أخذ الشفيع مالا من المشتري ، أو من أجنبي ( قوله بعد الشراء ) أي بعد شراء المشتري سواء علم الشفيع بالبيع له أم لا ( قوله ليسقط شفعته ) أي ليسقط حقه من الأخذ من المشتري بالشفعة ( قوله فيجوز ) أي وتسقط شفعته ; لأنه من إسقاط الشيء بعد وجوبه فإن تقايلا ورجع المشتري على الشفيع بما دفعه له من المال كان الشفيع باقيا على شفعته ; لأن سقوطها كان معلقا على أمر لم يتم .




الخدمات العلمية