الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا بأم امرأته التي دخل بها أو لم يدخل ) لقوله تعالى { وأمهات نسائكم } [ ص: 210 ] من غير قيد الدخول

التالي السابق


( قوله ولا بأم امرأته دخل بها أو لم يدخل ) إذا كان نكاح البنت صحيحا [ ص: 210 ] أما بالفاسد فلا تحرم الأم إلا إذا وطئ بنتها ويدخل في أم امرأته جداتها ( قوله من غير قيد الدخول ) عليه عمر وابن عباس وعمران بن الحصين رضي الله عنهم والجمهور ، وإليه رجع ابن مسعود بناء على أن تقييد المعطوف بصفة أو حال كما في الآية ، فإن قوله { من نسائكم } حال من الربائب لا يوجب تقييد المعطوف عليه به لكنه يجوز ولا يمتنع ، ولهذا خالف فيه علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وناهيك بهما علما فجعلا الدخول قيدا في حرمة أمهات النساء وتبعهم على ذلك بشر المريسي ومحمد بن شجاع .

ووجهه البناء على أن الشرط والاستثناء إذا تعقب كلمات منسوقة انصرف إلى الكل . ورد بأن المذكور في الآية ليس شرطا بل صفة ، ولا يلزم وصف المعطوف عليه بوصف المعطوف ، ثم يبطل جوازه في هذا الموضع باستلزامه كون الشيء الواحد معمول عاملين ، وذلك أن النساء المضاف إليه أمهات مخفوض بالإضافة والمجرور بمن بها ، فلو كان الموصول وهو قوله { اللاتي دخلتم بهن } صفة لهما لزم ذلك ، وهذا بناء على اعتبار الصفة هنا بمعنى الشرط ، وأبطله في الكشاف بلزوم كون من مستعملا في معنيين متخالفين في إطلاق واحد وهو البيان بالنسبة إلى النساء المضاف إليهن أمهات والابتداء بالنسبة إلى الربائب لأنه المناسب فيهما . قال الشيخ سعد الدين في حواشيه : وما يقال إن الابتداء معنى كلي صادق على جميع معاني من فضرب من التأويل والتشبيه ، ثم قال : نعم قد يستعمل في إيصال شيء فيتناول إيصال الأمهات بالنساء لأنهن والدات وبالربائب لأنهن مولودات ، فحينئذ يصح جعل { من نسائكم } متعلقا بالأمهات والربائب جميعا حالا منهما .

وفائدة إيصال الأمهات بالنساء بعد إضافتها إليها في زيادة قيد الدخول ، لكن الاتفاق على حرمة أمهات النساء مدخولات كن أو غير مدخولات يأبى هذا المعنى ، فمن هنا جعل متعلقا بربائبكم فقط ا هـ . ويمكن أن يجعل حالا من النساء المضاف إليهن أمهات ومن الربائب إلا أنه يستلزم جعل الحال من المضاف إليه ، وإنما جوزه من جوزه بمسوغ من كون المضاف صالحا للعمل في الحال أو جزءا للمضاف إليه ، وزاد بعضهم شبه الجزء في صحة حذفه والاستغناء عنه بالمضاف إليه نحو { ملة إبراهيم حنيفا }




الخدمات العلمية