الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 299 ] قال ( وتعتبر أيضا في الدين ) أي الديانة ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله هو الصحيح ; لأنه من أعلى المفاخر ، والمرأة تعير بفسق الزوج فوق ما تعير بضعة نسبه . [ ص: 300 ] وقال محمد : لا تعتبر ; لأنه من أمور الآخرة فلا تبتنى عليه أحكام الدنيا إلا إذا كان يصفع ويسخر منه أو يخرج إلى الأسواق سكران ويلعب به الصبيان ; لأنه مستخف به .

التالي السابق


( قوله وتعتبر أيضا في الدين : أي الديانة ) فسر به ليعلم أن المراد به التقوى لا اتفاق الدين ; لأن تفاصيله تعرف في نكاح أهل الشرك ولا كونه مكافئا بإسلام نفسه أو أبيه أو جده ; لأنه مر قبلهما ( قوله هو الصحيح ) أي أن الصحيح اقتران قولي أبي حنيفة وأبي يوسف فإنه روي عن أبي حنيفة أنه مع محمد ، ورجحه السرخسي وقال : الصحيح من مذهب أبي حنيفة أن الكفاءة من حيث الصلاح غير معتبرة ، وقيل هو احتراز عن رواية أخرى عن أبي يوسف أنه لم يعتبر الكفاءة في الدين وقال : إذا كان الفاسق ذا مروءة كأعوان السلطان والمباشرين المكسة ، وكذا عنه إن كان يشرب المسكر سرا ولا يخرج وهو سكران يكون كفئا وإلا لا ، وحينئذ الأولى كون هو الصحيح احترازا عما روي عن كل منهما أنه لا يعتبر ، والمعنى هو الصحيح من قول كل منهما ، فلو تزوجت امرأة من بنات الصالحين فاسقا كان للأولياء فسخه وإن كان من مباشري السلطان [ ص: 300 ] قوله وقال محمد : لا تعتبر إلا إذا كان يسخر منه ويخرج سكران ; لأنه من أحكام الآخرة فلا تبنى عليه أحكام الدنيا ) وفي كون هذا قاعدة ممهدة نظر إذ لم يظهر وجه الملازمة والحق أنه قد ، والمعتبر في كل موضع مقتضى الدليل فيه من البناء على أحكام الآخرة وعدمه ، على أنا لم نبن إلا على أمر دنيوي وهو ما ذكره من أن المرأة تعير بفسق الزوج فوق ما تعير بضعف نسبه : يعني يعيرها أشكالها إن كانت من بنات الصالحين . وفي المحيط : الفتوى على قول محمد ، وهو موافق لاختيار السرخسي الرواية الموافقة لقول محمد عن أبي حنيفة .

ولو تزوجها وهو كفء في الديانة ثم صار داعرا لا يفسخ النكاح ; لأن اعتبار الكفاءة وقت النكاح .




الخدمات العلمية