الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع في ذكر يوم بعاث

                                                                                                                                                                                                                              قالت عائشة رضي الله عنها : «كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم وجرحوا ، فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام» . رواه البخاري .

                                                                                                                                                                                                                              بيان غريبه «بعاث» : بضم الموحدة ، وحكى القزاز في الجامع فتحها وبتخفيف العين المهملة وآخره المثلثة- قال الجمهور- وقال ابن دريد : وذكر عن الخليل إعجامها ولم يسمع من غيره وإنما هو بالعين المهملة . وذكر الأزهري أن الذي صحفه الليث عن الخليل . وذكر القاضي أن الأصيلي أحد رواة الصحيح رواه بالوجهين أي بالغين المعجمة والعين المهملة ، وأن وجها واحدا هو الذي وقع في رواية أبي ذر بالغين المعجمة . ويقال إن أبا عبيدة ذكره بالمعجمة أيضا . وبعاث : مكان ويقال حصن ، وقيل مزرعة عند بني قريظة على ميلين من المدينة كانت به وقعة بين الأوس والخزرج قتل فيه كثير منهم ، وكان رئيس الأوس فيه .

                                                                                                                                                                                                                              حضير- بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية بعدها راء- والد أسيد بن حضير ، وكان يقال له : حضير الكتائب ، وبه قتل ، وكان رئيس الخزرج يومئذ عمرو بن النعمان البياضي فقتل بها أيضا . وكان النصر فيها أولا للخزرج ثم هزم حضير فرجعوا وانتصرت الأوس وجرح حضير يومئذ فمات منهزما ، وذلك قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل بأربعين سنة وقيل بأكثر . قال الحافظ : «الأول أصح» . وذكر أبو الفرج الأموي أن سبب ذلك كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف ، فقتل رجل من الأوس حليفا للخزرج ، فأرادوا أن يقيدوه ، فامتنعوا ، فوقعت بينهما الحرب لأجل ذلك ، فقتل فيها من أكابرهم من كان لا يؤمن أن يتكبر ، ويأنف أن يدخل في الإسلام حتى لا يكون تحت حكم غيره ، وقد كان بقي منهم من هذا النحو عبد الله بن أبي بن سلول كما سيأتي بيان ذلك . [ ص: 193 ]

                                                                                                                                                                                                                              «سرواتهم» : بفتح المهملة والراء المخففة والواو ، أي خيارهم ، والسروات جمع السراة- بفتح المهملة وتخفيف الراء- والسراة جمع السري ، وهو الشريف .

                                                                                                                                                                                                                              «جرحوا» للأكثر بضم الجيم والراء المكسورة مثقلا ومخففا فحاء مهملة ، وعند الأصيلي بجيمين جرجوا أي اضطرب قولهم ، من قول العرب جرج الخاتم إذا جال في الإصبع ، وعند ابن أبي صفرة بحاء مهملة مفتوحة من الحرج : أي ضيق الصدر ، وعند المستملي وعبدوس والقابسي : «وخرجوا» بفتح الخاء المعجمة والراء من الخروج ، وصوب ابن الأثير الأول وقال صاحب التقريب إنه المشهور ، وصوب غيره الثالث . [ ص: 194 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية