الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع في أي زمان ومكان وقع الإسراء

                                                                                                                                                                                                                              وفيه فصلان : الأول في مكانه . ففي رواية أنه كان عند البيت كما عند البخاري في باب بدء الخلق وفي باب المعراج في الحطيم ، وربما قال في الحجر ، والشك من قتادة كما بينه الإمام أحمد في روايته عن عفان عن همام ولفظه : «بينا أنا في الحطيم» ، وربما قال قتادة في الحجر . قال الحافظ : والمراد بالحطيم هنا الحجر ، وأبعد من قال : المراد به ما بين الركن والمقام ، أو ما بين زمزم والحجر . قال : وهو إن كان مختلفا في الحطيم بل هو الحجر أم لا فالمراد به هنا بيان البقعة التي وقع ذلك فيها لأنها لم تتعدد لأن القصة متحدة باتحاد مخرجها .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية الزهري عن أنس : «فرج سقف بيتي وأنا بمكة » ، وفي رواية الواقدي أنه :

                                                                                                                                                                                                                              «أسري به من شعب أبي طالب» ، وفي حديث أم هانئ عند الطبراني أنه «بات في بيتها» ، قالت : ففقدته من الليل فقال : إن جبريل أتاني» . قال الحافظ : والجمع بين هذه الأقوال أنه بات في بيت أم هانئ ، وبيتها عند شعب أبي طالب ، ففرج عن سقف بيته ، وأضاف البيت إليه لأنه كان يسكنه ، فنزل منه منزلة المالك ، وأخرجه إلى المسجد ، وكان به أثر النعاس ، ثم أخرجه إلى باب المسجد ، فأركبه البراق . قال : وقد وقع في مرسل الحسن عند ابن إسحاق فأتاه فأخرجه إلى المسجد ، وهو يؤيد هذا الجمع» . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وقال بعضهم : ليس بين قوله : «بينا أنا في المسجد الحرام » وبين قوله : «في بيتي» وبين أم هانئ ، تناف لأنه قد يكون المراد بالمسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                              الفصل الثاني : في زمانه : الصواب الذي اتفق عليه العلماء : إن الإسراء كان بعد البعثة . أما ما وقع في رواية شريك من قوله : «جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه» ، وفيه «فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى» ، ولم يعين المدة التي بين المجيئين ، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه ، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج ، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق بين أن تكون المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن كثير : «وهذا الحمل هو الأظهر» ، وجزم به ابن القيم ، وجرى عليه الحافظ ، قال : «وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك ، ويحصل به الاتفاق بأن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة ، ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة» . قال الحافظ : «وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع وقيل تسع وقيل ثلاثة عشر ، فيحمل على إرادة السنين كما فهمه الشارح المذكور ، وأجاب بعضهم بأن القبلية هنا هي في أمر مخصوص وليست [ ص: 65 ]

                                                                                                                                                                                                                              مطلقة ، واحتمل أن يكون المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلا ، أي أن ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به . ويؤيده قوله في حديث الزهري : فرج سقف بيتي . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية