الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثاني والعشرون : في الكلام على قوله تعالى : وما طغى : [النجم : 17] .

                                                                                                                                                                                                                              اللباب تبعا للإمام الرازي : «فيه وجهان : أحدهما أنه عطف جملة مستقلة على جملة [ ص: 53 ]

                                                                                                                                                                                                                              أخرى . الثاني : أنه عطف جملة مقدرة على جملة . فمثال المستقلة : خرج زيد ودخل عمرو ، ومثال المقدرة : خرج زيد ودخل ، الوجهان جائزان هنا . أما الأول فكأنه تعالى قال عند ظهور النور : ما زاغ بصر محمد وما طغى محمد بسبب الالتفات ، ولو التفت لكان طاغيا . وأما الثاني فظاهر . فإن قيل بأن الغاشي للسدرة جراد ، فالمعنى لم يلتفت إليه وما طغى ، أي ما التفت إلى غير الله تعالى ، ولم يلتفت إلى الجراد ولا إلى غير الجراد ، بل إلى الله سبحانه وتعالى . أما على قول من قال غشيها نور ، فقوله تعالى : ما زاغ » أي ما مال عن الأنوار . وما طغى ، أي ما طلب شيئا وراءه . وفيه لطيفة وهي أن الله تعالى قال : ما زاغ وما طغى ولم يقل ما مال وما جاوز ، لأن الميل في ذلك الموضع والتجاوز مذمومان ، فاستعمل الزيغ والطغيان فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون ذلك بيانا لوصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى شدة اليقين الذي لا يقين فوقه ، ووجه ذلك أن بصره صلى الله عليه وسلم ما زاغ أي ما مال عن الطريق ، فلم ير الشيء على خلاف ما هو عليه بخلاف من ينظر إلى عين الشمس مثلا ، ثم ينظر إلى شيء أبيض فإنه يراه أصفر وأخضر ، يزيغ بصره عن جادة الإبصار . وقوله : وما طغى أي ما تخيل المعدوم موجودا ، وقيل : «وما طغى» أي ما تخيل المعدوم موجودا وقيل : «وما طغى» أي ما جاوز ما أمر به» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية