الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن قال أنت طالق وطالق وطالق صح قصد تأكيد الثاني بالثالث ) لتساويهما في الصفة ( لا الأول بالثاني ) ولا بالثالث ، فلا يصح ظاهرا لاختصاصه بواو العطف المقتضية للتغاير ، أما باطنا فيدين كما صرح به الماوردي ، وقال ابن الرفعة : إنه مقتضى النص ، [ ص: 461 ] فإن لم يقصد شيئا فثلاث نظير ما مر ، وخرج بالعطف بالواو العطف بغيرها وحده أو معها كثم والفاء فلا يفيد قصده التأكيد مطلقا ، ولو حلف لا يدخلها وكرره متواليا أو لا ، فإن قصد تأكيد الأولى أو أطلق فطلقة أو الاستئناف فكما مر ، وكذا في اليمين إن تعلقت بحق آدمي كالظهار واليمين الغموس لا بالله فلا تتكرر الكفارة مطلقا لبناء حقه تعالى على المسامحة ( وهذه الصور في موطوءة ) ومثله هنا وفيما يأتي من في حكمها وهي من دخل فيها ماؤه المحترم ( فلو قالهن لغيرها فطلقة بكل حال ) تقع فقط لبينونتها بالأولى وفارق أنت طالق ثلاثا تفسيرا لما أراده [ ص: 462 ] بأنت طالق إذ ليس مغايرا له بخلاف العطف والتكرار .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تأكيد الثاني بالثالث ) وهل مثله قصد مطلق التأكيد حملا لكلامه على الصورة الصحيحة أو لا لأنه صريح فلا يصرف [ ص: 461 ] بمحتمل ؟ كل محتمل ا هـ سم .

                                                                                                                            أقول : والأقرب صحته حملا على المعنى الصحيح لما مر من أن اللفظ حيث احتمل عدم الوقوع عمل به لأصل بقاء القصد ( قوله فلا يفيد قصده التأكيد مطلقا ) أي سواء قصد تأكيد الأول أو الثاني بالثالث أو لم يقصد شيئا .

                                                                                                                            قال سم على حج : وينبغي أن يدين ( قوله : ولو حلف لا يدخلها وكرره ) قال في الروض وشرحه : وإن كرر في مدخول بها أو غيرها إن دخلت الدار فأنت طالق لم يتعدد إلا إن نوى الاستئناف ولو طال فصل وتعدد مجلس .

                                                                                                                            قال الشارح : وشمل المستثنى منه ما لو نوى التأكيد أو أطلق فلا تعدد فيهما ا هـ سم على حج . وهذا يفيد قول الشارح ولو حلف إلخ وقوله قبل نعم يقبل إلخ ( قوله : فإن قصد تأكيد الأولى ) ومن ذلك يؤخذ جواب حادثة وقع السؤال عنها ، وهي أن شخصا رأى جماعة فحلف عليهم بالطلاق أنهم يضيفونه فامتنعوا ، فكرره ثلاث مرات وهم يمتنعون ولم يضيفوه ، فهل يقع عليه طلقة أو ثلاث ؟ وهو أنه إن قصد تأكيد الأول أو أطلق فطلقة أو الاستئناف فثلاث .

                                                                                                                            لا يقال بمجرد الامتناع من الضيافة وقعت طلقة فلا تكون الثانية مؤكدة لها بل هي يمين ثانية فيقع الثلاث .

                                                                                                                            لأنا نقول : القول بالوقوع قبل مفارقتهم له مفارقة يقتضي العرف فيها بأنهم لم يضيفوه ممنوع ، بل لو تكرر امتناعهم منه في المجلس ثم أضافوه صدق عليهم عرفا أنهم لم يمتنعوا من ضيافته ، فكان معنى اليمين الأولى الحلف بأنهم لا يفارقونه حتى يضيفوه وكذلك الثانية والثالثة ، فهذه في الحقيقة من أفراد قوله ولو حلف لا يدخلها وكرر إلخ فافهمه ولا تغتر بما نقل عن بعضهم من خلافه هذا .

                                                                                                                            وينبغي أن يعلم أن محل الحنث بعدم ضيافتهم له في ذلك الوقت حيث أراد أنهم يضيفونه حالا كما قيل بمثله فيما لو دخل على صديقه وهو يتغدى فقال له تغد معي فامتنع فقال إن لم تتغد معي فامرأتي طالق ونوى الحال فإنه يحنث كما قاله الشارح بعد قول المصنف الآتي في فصل قال أنت طالق في شهر كذا ولو علق بنفي فعل إلخ ، ومفهومه أنه لو لم ينو الحال لم تطلق إلا باليأس ، لكن في كلامه ثم أنه قد تقوم قرينة خارجية تقتضي الفور فلا يبعد العمل بها ، ومنه يعلم أنه إذا دلت القرينة هنا على إرادة الضيافة حالا حنث ( قوله أو أطلق ) أي أو قصد الإخبار ( قوله : فكما مر ) أي في قوله بعد قول المصنف وتخلل فصل فثلاث ، نعم يقبل منه قصد التأكيد والإخبار في معلق بشيء واحد إلخ ( قوله : وكذا في اليمين ) هو بالنسبة لما قبله من عطف الأعم على الأخص ، إذ الأول حلف أيضا لأنه يمنع به نفسه من الدخول أو عطف مباين بالتقييد بقوله إن تعلقت بحق آدمي إذ الأول حلف على صفة محضة لا تعلق فيها بحق أصلا والكلام كله في الحلف بالطلاق كما يصرح به قوله لا بالله إلخ ( قوله فلا تتكرر ) أي ولو قصد الاستئناف ( قوله وهي من دخل فيها ماؤه ) أي ولو في الدبر ( قوله : لما أراده ) لعل المراد به الطلاق [ ص: 462 ] لا الطلاق ثلاثا حتى يشترط في وقوع الثلاث مع قوله ثلاثا إرادتها بما قبلها انتهى سم على حج ( قوله : إذ ليس ) أي التفسير



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولو حلف لا يدخلها وكرره متواليا إلخ ) لعله في صورة الإطلاق عند عدم التوالي إن اتحد المجلس لما قدمناه فليراجع ( قوله : فطلقة ) أي ; لأنه تعلق في المعنى بشيء واحد ( قوله : أو الاستئناف فكما مر إلخ ) عبارة التحفة : أو الاستئناف فثلاث كما مر ( قوله : وفارق أنت طالق ثلاثا تفسيرا لما أراده إلخ ) [ ص: 462 ] عبارة التحفة : وفارق أنت طالق ثلاثا بأنه تفسير لما أراده بأنت طالق فليس مغايرا له إلخ ، وكتب عليه الشهاب سم ما لفظه : قوله بأنه تفسير لما أراده إلخ هذا هو ما أورده الشارح بقوله السابق ، ثم رأيتهم صرحوا به كما سيأتي في شرح قوله فلو قالهن لغيرها ، ودعوى أن هذا تصريح بما زعمه وهم قطعا ; لأن المفعول المطلق يكون لبيان العدد كما صرح به النحاة والبيان والتفسير واحد ، فالحكم بأن ثلاثا تفسير لا يدل فضلا عن أنه يصرح على أنه تمييز ، فمنشأ التوهم ذكر التفسير المذكور في حد التمييز مع الغفلة عن تقسيمهم المفعول المطلق إلى المبين للعدد والمبين هو المفسر ، [ ص: 463 ] وكذا عبروا به أيضا في التمييز كما قال ابن مالك في ألفيته : اسم بمعنى من مبين إلخ . ا هـ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية