الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو قال أنت طالق إلا أن يشاء الله فلا ) يقع شيء ( في الأصح ) إذ المعنى إلا أن يشاء عدم تطليقك ولا اطلاع لنا على ذلك نظير ما مر . والثاني يقع لأنه أوقعه وجعل المخلص عنه المشيئة وهي غير معلومة فلا يحصل الخلاص .

                                                                                                                            قال الأذرعي : ومحل الخلاف إذا أطلق ، فإن ذكر شيئا اعتمد قوله ، وأفتى ابن الصلاح [ ص: 472 ] فيمن قال لا أفعل كذا إلا أن يسبقني القضاء والقدر ثم فعله وقال قصدت إخراج ما قدر منه عن اليمين لم يحنث ولو قال أنت طالق واحدة وثلاثا أو وثنتين إن شاء الله فواحدة لاختصاص التعليق بالمشيئة بالأخير ، أو ثلاثا وواحدة إن شاء الله فثلاث ، أو واحدة ثلاثا أو ثلاثا ثلاثا إن شاء الله لم تطلق لعود المشيئة إلى الجميع لحذف العاطف ، ولو قال : حفصة طالق وعمرة طالق إن شاء الله ولم ينو عود الاستثناء إلى كل من المتعاطفين طلقت حفصة دون عمرة على ما قاله ابن المقري في روضه ، والأوجه حمله على ما إذا نوى بالاستثناء عوده للأخير فقط ، بخلاف ما لو قصدهما أو أطلق ، ولو قال حفصة وعمرة طالقان إن شاء الله لم تطلق واحدة منهما ، ولو قال أنت طالق إن شاء زيد فمات زيد أو جن قبل المشيئة لم تطلق ، وإن خرس فأشار طلقت ، أو علق بمشيئة الملائكة لم تطلق لأن لهم مشيئة ، وكذا بمشيئة بهيمة لأنه تعليق بمستحيل ، ولو قال أنت طالق إن لم يشأ زيد ولم توجد مشيئته في الحياة وقع قبيل موته أو جنونه المتصل بالموت ، فإن مات وشك في مشيئته لم تطلق لعدم تحقق المعلق عليه ، أو أنت طالق إن لم يشأ زيد اليوم ولم يشأ فيه وقع قبيل الغروب إذ اليوم هنا كالعمر فيما مر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فإن ذكر شيئا اعتمد ) انظر ما المراد بالشيء الذي إذا ذكره اعتمد قوله فإنه لم يظهر فرق بين توجيهي الأصح ومقابله في أن المعنى إلا أن يشاء عدم طلاقك ، وغاية الأمر أن الأصح يقول : لما كان الطلاق معلقا على عدم المشيئة ولا اطلاع لنا عليها منعنا الوقوع للشك فيه ، ومقابله يقول قوله أنت طالق صريح في الوقوع ، وقوله إلا أن يشاء رفع له ولم [ ص: 472 ] نعلم به فعملنا بالأصل ( قوله : القضاء والقدر ) أي إلا إن قدر سبحانه وتعالى علي بكلامه لا أحنث ( قوله : أو واحدة ثلاثا ) أي كررها ثلاثا ( قوله : بخلاف ما لو قصدها ) قضية تخصيص عدم الوقوع بحفصة وعمرة الوقوع في ثلاثا وواحدة في غير الأخيرة قطعا فليتأمل الفرق بين الصورتين ، إلا أن يقال : إن الواحدة والثلاث لما تعلقت بامرأة واحدة كان إيقاعا لجملة العدد عليها ، فأشبه ذلك جمع المفرق في الاستثناء ، وهو غير مانع من الوقوع فألغى ما حصل به الاستغراق وهو الواحدة فوقعت الثلاث ، بخلاف حفصة وعمرة فإنما يتعلق بكل منهما طلاق مستقل يمكن اعتباره فصح قصده ( قوله : أو أطلق ) أي فلا وقوع ( قوله : حفصة وعمرة طالقان ) أي ولم يعلم هل شاء أو لا ، فالظاهر عدم الوقوع لأن الأصل عدم المشيئة ( قوله فأشار ) أي إشارة مفهمة ( قوله : لأن لهم مشيئة ) أي وهي غيب عنا ( قوله : لأنه تعليق ) أي فلو شاءت خرقا للعادة هل يقع الطلاق أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ( قوله إن لم يشأ زيد اليوم ) أي عدم طلاقك .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : نظير ما مر ) هو إحالة على غير مذكور كما علم مما تقرر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية