الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ أقسام الذنوب ] أحدها : أن الذنوب إلى كم تنقسم ؟ على ثلاثة أوجه : أحدها : إلى قسمين صغائر وكبائر ، وهو المشهور بين الفقهاء ، ويساعدهم إطلاقات الكتاب والسنة ، لقوله تعالى : { وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان } فجعل الفسوق وهو الكبائر تلي رتبة الكفر ، وجعل الصغائر تلي رتبة الكبيرة ، وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم بعض الذنوب باسم الكبائر . الثاني : هو قسم واحد ، وهو الكبائر وهو طريقة جمع من الأصوليين ، منهم الأستاذ أبو إسحاق ، ونفي الصغائر ، وجرى عليه إمام الحرمين في ، الإرشاد " ، وابن فورك في كتابه مشكل القرآن " ، فقال : المعاصي عندنا كبائر ، وإنما يقال لبعضها : صغيرة بالنسبة إلى ما هو أكبر منها ، كما يقال : الزنا صغيرة بالنسبة إلى الكفر ، والقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا ، وكلها كبائر . قال : ومعنى الآية : إن اجتنبتم كبائر ما نهاكم عنه ، [ ص: 153 ] وهو الكفر بالله ، كفرت عنكم سيئاتكم التي دون الكفر ، إن شئت . ثم حكى انقسام الذنوب إلى صغيرة وكبيرة عن المعتزلة وغلطهم ، ولعل أصحاب هذا الوجه كرهوا تسمية معصية الله صغيرة ; إجلالا لله وتعظيما لأمره ، مع أنهم وافقوا في الجرح أنه لا يكون بمطلق المعصية .

                                                      والثالث : قول الحليمي : إلى ثلاثة أقسام صغيرة ، وكبيرة وفاحشة ، فقتل النفس بغير حق كبيرة ، فإذا قتل ذا رحم ففاحشة ، فأما الخدشة والضربة مرة أو مرتين فصغيرة . وجعل سائر الذنوب هكذا ، والظاهر أن الخلاف لفظي ، فإن رتبة الكبائر تتفاوت قطعا .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية