الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : قوله ( وإن قتلت سيدها عمدا ، فعليها القصاص ) . مقيد بما إذا لم يكن لها منه ولد . فإن كان لها منه ولد : لم يجب القصاص . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقد صرحوا به في باب شروط القصاص بقولهم : ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه : سقط القصاص . فلو قتل امرأته ، وله منها ولد : سقط عنه القصاص . ونقل مهنا : يقتلها أولاده من غيرها . قال المصنف ، والشارح : وهي مخالفة لأصول مذهبه . والصحيح : لا قصاص عليها . قال في الرعاية : ولوليه مع فقد ابنهما : القود . وقيل : مطلقا . قوله ( فإن عفوا على مال ، أو كانت الجناية خطأ : فعليها قيمة نفسها ) . هذا إحدى الروايتين . وهو قول الخرقي ، والمصنف في كتبه ، والقاضي ، وجماعة من أصحابه . والصحيح من المذهب : أنه يلزمها الأقل من قيمتها أو ديته . نص عليه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، والقواعد الفقهية ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . قال ناظم المفردات : [ ص: 500 ] إن قتلت في الحكم أم الولد سيدها في خطأ للرشد     أو كان عمدا فعفوا للمال
قيمتها تلزم في المقال     أو دية فأنقص الأمرين
يلزمها إذ ذاك في الحالين قال الزركشي : ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب . إذ الغالب أن قيمة الأمة : لا تزيد على دية الحر . انتهى . قال الأصحاب : سواء قلنا الدية تحدث على ملك الورثة أو لا . وفي الروضة : دية الخطأ على عاقلتها . لأن عند آخر جزء مات من السيد عتقت ووجب الضمان .

فائدة : وكذا إن قتلته المدبرة وقلنا : تعتق على ما تقدم في آخر باب المدبر .

قوله ( وتعتق في الموضعين ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب . قال الزركشي : فيما عللوه به نظر . لأن الاستيلاد كما أنه سبب للعتق بعد الموت ، ذلك النسب سبب للإرث . فكما جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص . فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه . لأنه مثله . وقد قيل في وجه الفرق : إن الحق وهو الحرية لغيرها . فلا تسقط بفعلها . بخلاف الإرث ، فإنه محض حقها وأورد عليه المدبرة ، يبطل تدبيرها إذا قتلت سيدها ، وإن كان الحق لغيرها وأجيب بضعف السبب في المدبرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية