الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : فإن كان أولاهم بها مفقودا أو غائبا ، بعيدة كانت غيبته أم قريبة ، زوجها السلطان بعد أن يرضى الخاطب ويحضر أقرب ولاتها وأهل الحزم من أهلها ، ويقول هل تنقمون شيئا ؟ فإن نكروه نظر فيه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            [ ص: 111 ] إذا ثبت أن الولاية يستحقها الأقرب دون الأبعد ، فكان الأقرب مفقودا أو غائبا ، لم تنتقل الولاية عنه إلى من هو أبعد .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كان الأقرب مفقودا انتقلت الولاية إلى من هو أبعد وإن كان غائبا معروف المكان ، وإن كانت غيبته منقطعة انتقلت الولاية إلى الأبعد ، وإن كانت غير منقطعة لم تنتقل .

                                                                                                                                            قال محمد بن الحسن : والغيبة المنقطعة من " الكوفة " إلى " الرقة " وغير المنقطعة من " الكوفة " إلى " بغداد " .

                                                                                                                                            واستدل على انتقالها بالغيبة إلى الأبعد ، بأنه قد يتعذر منه تزويجها بالغيبة ، كما لا يتعذر منه بالجنون والرق ، فلما انتقلت بجنونه ورقه انتقلت عنه بغيبته .

                                                                                                                                            وهذا خطأ : لأنها ولاية لا تنتقل بغيبة منقطعة ، كالولاية على المال ، ولأنها غيبة لا ينقطع بها ولاء المال ، فوجب أن لا تنتقل بها ولاية النكاح كالغيبة التي ليست منقطعة ، ولأن الغيبة لا تزيل ولايته : لأنه لو زوجها في غيبته صح ، ولو وكل في تزويجها جاز ، وإذا لم تزل عنه لم تنقل إلى من هو أبعد منه كالحاضر .

                                                                                                                                            فأما استدلالهم بتعذر النكاح منه ، فليس تعذره مع بقاء الولاية يوجب انتقالها عنه كالعضل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية