الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا لم يترافعا فيه إلى حاكم ولا حكم فيه بأحد الأمرين من صحة أو إبطال ، فإن لم يجتمعا فيه على الإصابة حتى افترقا فلا عدة عليهما ، ولا مهر لها ، وإن مات أحدهما لم يتوارثا ، وإن اجتمعا فيه على الإصابة لم تخل حالهما من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعتقدا الإباحة . والثاني : أن يعتقدا تحريمه . والثالث : أن يجهلا حكمه .

                                                                                                                                            فإن اعتقدا الإباحة : لاعتقادهما مذهب أبي حنيفة فيه ، فلا حد عليهما : لاستباحتهما له من اجتهاد مسوغ .

                                                                                                                                            فإن قيل : أفليس لو شرب النبيذ من اعتقد مذهب أبي حنيفة في إباحته حددتموه ، فهلا حددتم هذا مع اعتقاده إباحته ؟

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الشبهة في النكاح بغير ولي أقوى : لتردده بين أصلي حظر من زنا وإباحة من نكاح ، وإباحة الشبهة في النبيذ الذي لا يرجع إلا إلى أصل واحد في الحظر والتحريم ، وهو الخمر .

                                                                                                                                            والثاني : أن النكاح الذي عقده ولي قد جعل له سبيل إلى استباحته بولي ، فاقتصر في الزجر عنه على مجرد النهي ، وليس كالنبيذ الذي لا سبيل إلى استباحته ، فلم يقتصر في الزجر عنه على مجرد النهي حتى يضم إليه حكم هو أبلغ في الزجر ، ليكون أمنع من الإقدام عليه .

                                                                                                                                            [ ص: 49 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية