الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو أذنت لكل واحد أن يزوجها لا في رجل بعينه ، فزوجها كل واحد رجلا ، فقد قال صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فالأول أحق فإن لم تثبت الشهود أيهما أول ، فالنكاح مفسوخ ، ولا شيء لها ، وإن دخل بها أحدهما على هذا كان لها مهر مثلها ، وهما يقران أنها لا تعلم مثل أن تكون غائبة عن النكاح ، ولو ادعيا عليها أنها تعلم ، أحلفت ما تعلم وإن أقرت لأحدهما لزمها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها : في امرأة لها وليان أذنت لكل واحد منهما أن يزوجها برجل لا بعينه يختاره لها من أكفائها ، فزوجها كل واحد من الوليين برجل غير الذي زوجها به الآخر ، فلا يخلو حال الزوجين من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونا معا غير كفؤين ، فنكاحهما باطل ، فإن لم يدخل بها واحد منهما ، فلا شيء عليهما ، فإن دخل بها أحدهما كان عليه مهر مثلها دون المسمى ، ولا حد عليه ، وإن علم أنه غير كفء : لأن من الفقهاء من يوقف نكاحه على الإجازة فكان ذلك شبهة يدرأ بها الحد .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون أحد الزوجين كفؤا ، والآخر غير كفء ، فنكاح غير الكفء باطل ، ونكاح الكفء جائز ، سواء تقدم نكاحه أو تأخر ، فإن دخل بها غير كفء ، فعليه مهر المثل ، ثم ينظر ، فإن كان نكاحه قد تقدم ، فلا أحد عليه سواء علم أو لم يعلم وعليها أن تفتدي من [ ص: 122 ] إصابته وإن كان نكاحه قد تأخر ، فإن علم بالحال فعليه الحد لارتفاع الشبهة ولا عدة عليها : لأنها لو جاءت بولد لم يلحق به ، وإن لم يعلم به فلا حد عليه وعليها العدة ، وإن جاءت بولد لحق به وهي محرمة على الكفء في زمان عدتها من غير الكفء .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الزوجان معا كفؤين ، فلا يخلو حال نكاحهما من خمسة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يسبق أحدهما الآخر ويعلم أيهما هو السابق .

                                                                                                                                            والثاني : أن يقع النكاحان معا ، ولا يسبق أحدهما الآخر .

                                                                                                                                            والثالث : أن يشك هل وقع النكاحان معا أو سبق أحدهما الآخر .

                                                                                                                                            والرابع : أن يشك أيهما هو السابق .

                                                                                                                                            والخامس : أن يسبق أحدهما الآخر ، ويدعي كل واحد من الزوجين أنه هو السابق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية