الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الميراث فيوقف لهن إن لم يحجبن الربع ، وإن حجبن الثمن : لأن فيهن [ ص: 286 ] أربع زوجات وارثات ، وإن لم يتعين فيكون موقوفا على صلحهن ، فإن اصطلحن عليه متساويات ، أو متفاضلات ، أو على تعيين ، أربع منهن يقتسمنه ، وتحرم الباقيات ، جاز أن لا يكون فيهن محجور عليها لصغر أو جنون ، قال الشافعي في كتاب " الأم " : فليس لوليها أن يصالح عنها بأقل من نصف ميراث زوجته ، وهو ثمن الموقوف لهن من ربع أو ثمن : لأنهن لما كن ثمانيا متساويات الأحوال ، كان الظاهر من وقف ذلك عليهن يساويهن فيه ، وأن الموقوف على كل واحدة منهن ثمن الوقف ، فلم يجز أن يصالح الولي على أقل من مقتضى الوقف ، فلو كان وقف ميراثهن على حاله ، فجاءت واحدة تطلب من الموقوف شيئا لم تعط : لجواز أن تكون أجنبية ، وكذلك لو جاء منهن اثنتان ، أو ثلاث ، أو أربع : لجواز أن يكن الأربع كلهن أجانب والباقيات زوجات ، فإن جاء منهن خمس تحققنا حينئذ أن منهن زوجته فدفعنا إليهن إذا طلبن بعين مالهن ، وهو ربع الموقوف من ربع أو ثمن ، يدفع ذلك إليهن بشرط الرضا به عن حقهن ، فيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو قول أبي إسحاق المروزي - : أنه لا يدفع ذلك إليهن إلا على شرط الرضا به عن حقهن ، وإلا منعن منه حتى يتراضى جميعهن ، فعلى هذا إذا دفع ذلك إليهن ، على هذا الشرط وجب دفع الباقي من الميراث الموقوف ، وهو ثلاثة أرباعه إلا الثلاث الباقيات .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يلزمه اشتراط ذلك عليهن في الدفع ، فعلى هذا يكون الباقي من ثلاثة أرباع ميراثهن موقوفا على جميعهن ، ولا يدفع إلى الثلاث الباقيات والأول من الوجهين أصح : لأنه لا يجوز أن ينفرد بعضهن بشيء من الموقوف على جميعهن إلا عن تراض واصطلاح ، فلو كان المطالبات منهن ستا دفع إليهن نصف الموقوف من ميراثهن : لأن فيهن زوجتين ، وكان النصف الباقي على الوجهين ، ولو كان فيهن سبع دفع إليهن ثلاثة أرباع الموقوف : لأن فيهن ثلاث زوجات ، وكان الربع الباقي على الوجهين ، ولو كان الثمان كلهن يطلبن ، دفع إليهن جميع ميراثهن : لأنه موقوف عليهن ، وليس فيه حق لهن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية