الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6569 ) فصل : ولا يجبر المملوك على المخارجة ، ومعناه أن يضرب عليه خراجا معلوما يؤديه ، وما فضل للعبد ; لأن ذلك عقد بينهما ، فلا يجبر عليه ، كالكتابة . وإن طلب العبد ذلك ، وأباه السيد ، لم يجبر عليه أيضا ; لما ذكرنا . فإن اتفقا على ذلك ، جاز ; لما روي أن { أبا ظبية حجم النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه أجره ، وأمر مواليه أن يخففوا عنه من خراجه } . وكان كثير من الصحابة يضربون على رقيقهم خراجا ، فروي أن الزبير كان له ألف مملوك ، على كل واحد منهم كل يوم درهم . وجاء أبو لؤلؤة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فسأله أن يسأل المغيرة بن شعبة يخفف عنه من خراجه . ثم ينتظر ، فإن كان ذا كسب ، فجعل عليه بقدر ما يفضل من كسبه عن نفقته وخراجه شيء ، جاز ، فإن لهما به نفعا ، فإن العبد يحرص على الكسب ، وربما فضل معه شيء يزيده في نفقته ، ويتسع به . وإن وضع عليه أكثر من كسبه بعد نفقته ، لم يجز .

                                                                                                                                            وكذلك إن كلف من لا كسب له المخارجة ، لم يجز ; لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال : لا تكلفوا الصغير الكسب ، فإنكم متى كلفتموه الكسب سرق ، ولا تكلفوا المرأة غير ذات الصنعة فإنكم متى كلفتموها الكسب كسبت بفرجها . ولأنه متى كلف غير ذي الكسب خراجا ، كلفه ما يغلبه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تكلفوهم ما يغلبهم " . وربما حمله ذلك على أن يأتي به من غير وجهه ، فلم يكن للسيد أخذه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية