الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6846 ) الفصل الخامس : أن الغرة موروثة عن الجنين ، كأنه سقط حيا ; لأنها دية له ، وبدل عنه ، فيرثها ورثته ، كما لو قتل بعد الولادة . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . وقال الليث : لا تورث ، بل تكون بدله لأمه ; لأنه كعضو من أعضائها ، فأشبه يدها . ولنا ، أنها دية آدمي حر ، فوجب أن تكون موروثة عنه ، كما لو ولدته حيا ثم مات ، وقوله : إنه عضو من أعضائها . [ ص: 320 ] لا يصح ; لأنه لو كان عضوا لدخل بدله في دية أمه ، كيدها ، ولما منع من القصاص من أمه ، وإقامة الحد عليها من أجله ، ولما وجبت الكفارة بقتله ، ولما صح عتقه دونها ، ولا عتقها دونه ، ولا تصور حياته بعد موتها ، ولأن كل نفس تضمن بالدية تورث ، كدية الحي .

                                                                                                                                            فعلى هذا ، إذا أسقطت جنينا ميتا ، ثم ماتت ، فإنها ترث نصيبها من ديته ، ثم يرثها ورثته . وإن ماتت قبله ثم ألقته ميتا لم يرث أحدهما صاحبه ، وإن خرج حيا ثم مات قبلها ، ثم ماتت ، فإنها ترث نصيبها من ديته ، ثم يرثها ورثتها . وإن ماتت قبله ، ثم ألقته ميتا ، لم يرث أحدهما صاحبه . وإن خرج حيا ، ثم ماتت قبله ثم مات ، أو ماتت ثم خرج حيا ثم مات ، ورثها ، ثم يرثه ورثته . وإن اختلف وراثهما في أولهما موتا ، فحكمهما حكم الغرقى . على ما ذكر في موضعه . ويجيء على قول الخرقي في المسألة التي ذكرها ، إذا ماتت امرأة وابنها ، أن يحلف ورثة كل واحد منهما ويختصوا بميراثه ، وإن ألقت جنينا ميتا ، أو حيا ثم مات ، ثم ألقت آخر حيا ، ففي الميت غرة ، وفي الحي الأول دية كاملة ، إذا كان سقوطه لوقت يعيش مثله ، ويرثهما الآخر ، ثم يرثه ورثته إن مات .

                                                                                                                                            وإن كانت الأم قد ماتت بعد الأول وقبل الثاني ، فإن دية الأول ترث منها الأم والجنين الثاني ، ثم إذا ماتت الأم ، ورثها الثاني ثم يصير ميراثه لورثته . وإن ماتت الأم بعدهما ، ورثتهما جميعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية