الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6356 ) فصل : في ميراثها من الزوجين ، وتوريثهما منها ، متى مات زوجها الأول ، أو ماتت قبل تزوجها بالثاني ، ورثته وورثها ، وكذلك إن تزوجت الثاني فلم يدخل بها ; لأننا قد تبينا أنه متى قدم قبل الدخول بها ، ردت إليه بغير تخيير . وقد ذكرنا أن القاضي ذكر أن فيها رواية أخرى ، أنه يخير فيها . فعلى هذه الرواية ، حكمه حكم ما لو دخل بها الثاني . فأما إن دخل الثاني بها نظرنا ; فإن قدم الأول ، فاختارها ردت إليه ، ورثها وورثته ، ولم ترث الثاني ولم يرثها ; [ ص: 111 ] لأنه لا زوجية بينهما .

                                                                                                                                            وإن مات أحدهما قبل اختيارها ; إما في الغيبة ، أو بعد قدومه ، فإن قلنا : لها أن تتزوج . ورثت الزوج الثاني وورثها ، ولم ترث الأول ولم يرثها ; لأن من خير بين شيئين ، فتعذر أحدهما ، تعين الآخر . وإن ماتت قبل اختيار الأول ، خير ، فإن اختارها ورثها وإن لم يخترها ورثها الثاني . هذا ظاهر قول أصحابنا . وأما على ما أختاره ، فإنها لا ترث الثاني ولا يرثها بحال ، إلا أن يجدد لها عقدا ، أو لا يعلم أن الأول كان حيا ، ومتى علم أن الأول كان حيا ، ورثها وورثته ، إلا أن يختار تركها ، فتبين منه بذلك ، فلا ترثه ولا يرثها .

                                                                                                                                            وعلى قول أبي الخطاب ، إن حكمنا بوقوع الفرقة بتفريق الحاكم ظاهرا وباطنا ، ورثت الثاني وورثها ، ولم ترث الأول ولم يرثها ، وإن لم نحكم بوقوع الفرقة باطنا ، ورثت الأول وورثها ، ولم ترث الثاني ولم يرثها . فأما عدتها منهما ، فمن ورثته اعتدت لوفاته عدة الوفاة ، وإن مات الثاني في موضع لا ترثه ، فالمنصوص عن أحمد ، أنها تعتد عدة الوفاة في النكاح الفاسد . فعلى هذا ، عليها عدة الوفاة لوفاته . وهو اختيار أبي بكر . وقال ابن حامد : لا عدة عليها لوفاته ، لكن تعتد من وطئه بثلاثة قروء ; فإن ماتا معا ، اعتدت لكل واحد منهما ، وبدأت بعدة الأول ، فإذا أكملتها ، اعتدت للآخر ، وإن مات الأول أولا ، فكذلك ، وإن مات الثاني أولا ، بدأت بعدته ، فإذا مات الأول ، انقطعت عدة الثاني ، ثم ابتدأت عدة الأول ، فإذا أكملتها ، أتمت عدة الثاني .

                                                                                                                                            وإن علم موت أحدهما ، وجهل وقت موت الآخر ، أو جهل موتهما ، فعليها أن تعتد عدتين من حين تيقنت الموت ، وتبدأ بعدة الأول ; لأنه أسبق وأولى ، وإن كانت حاملا ، فبوضع الحمل تنقضي عدة الثاني ; لأن الولد منه ، ثم تبتدئ بعده بعدة الوفاة ، أربعة أشهر وعشرا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية