الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            النوع الثالث : أن يمنع خروج نفسه ، وهو ضربان : أحدهما : أن يجعل في عنقه خراطة ، ثم يعلقه في خشبة أو شيء ، بحيث يرتفع عن الأرض ، فيختنق ويموت ، فهذا عمد سواء مات في الحال ، أو بقي زمنا ، لأن هذا أوحى أنواع الحنق ، وهو الذي جرت العادة بفعله من الولاة في اللصوص وأشباههم من المفسدين . والضرب الثاني : أن يخنقه وهو على الأرض بيديه ، أو منديل ، أو حبل ، أو يغمه بوسادة ، أو شيء يضعه على فيه وأنفه ، أو يضع يديه عليهما فيموت ، فهذا إن فعل به ذلك مدة يموت في مثلها غالبا فمات ، فهو عمد فيه القصاص . وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والنخعي ، والشافعي ، وإن فعله في مدة لا يموت في مثلها غالبا فمات ، فهو عمد الخطإ ، إلا أن يكون ذلك يسيرا في العادة ، بحيث لا يتوهم الموت منه ، فلا يوجب ضمانا ; لأنه بمنزلة لمسه .

                                                                                                                                            وإن خنقه ، وتركه متألما حتى مات ، ففيه القود ; لأنه مات من سراية جنايته ، فهو كالميت من سراية الجرح ، وإن تنفس وصح ، ثم مات ، فلا قود ; لأن الظاهر أنه لم يمت منه ، فأشبه ما لو اندمل الجرح ثم مات

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية