الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2210 وقال في غير حق مسلم ، وليس لعرق ظالم فيه حق

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي قال عمرو بن عوف المذكور ، وأشار به إلى أنه زاده . وقال : من أحيى أرضا ميتة في غير حق مسلم ، فهي له ، وليس لعرق ظالم فيه حق ، ووصله الطبراني وابن عدي والبيهقي من رواية كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - من أحيى أرضا ميتة ، فهي له ، وليس لعرق ظالم حق .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية له : من أحيى مواتا من الأرض في غير حق مسلم ، فهو له ، وليس لعرق ظالم حق ، ورواه أيضا إسحاق بن راهويه قال : أخبرنا أبو عامر العقدي ، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، حدثني أبي أن أباه حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أحيى أرضا مواتا من غير أن يكون فيها حق مسلم ، فهي له ، وليس لعرق ظالم حق ، وكثير هذا ضعيف ، وليس لجده عمرو بن عوف في البخاري غير هذا الحديث ، وهو غير عمرو بن عوف الأنصاري البدري الذي يأتي حديثه في الجزية وغيرها .

                                                                                                                                                                                  وقال [ ص: 175 ] الكرماني عقيب قوله وقال أي عمرو ، وفي بعض الروايات عمر ، أي : ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وابن عوف ، أي : عبد الرحمن ، ثم قال : فإن قلت : فذكر عمر يكون تكرارا . ( قلت ) : فيه فوائد : الأولى أنه تعليق بصيغة القوة ، وهذا بصيغة التمريض ، وهو بدون الزيادة ، وهذا معها ، وهو غير مرفوع إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ، وهذا مرفوع انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : عمر هنا بدون الواو ، يعني : عمر بن الخطاب ، قالوا : إنه تصحيف ، فلما جعلوا عمر بدون الواو جعلوا الواو واو عطف ، وقالوا : وابن عوف ، وأرادوا به عبد الرحمن بن عوف ، وذكر الكرماني ما ذكره ، ثم ذكر فيه فوائد الأولى المذكورة ، فلا حاجة إليها ; لأن ما ذكره ليس بصحيح في الأصل ، ومع هذا هو قال في آخر كلامه : والصحيح هو الأول ، يعني : أنه عمرو بالواو ، وهو ابن عوف المزني ، لا أنه عمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن عوف . قوله : " وليس لعرق ظالم فيه حق " روى لعرق بالتنوين وبالإضافة ، أي : من غرس في أرض غيره بدون إذنه ، فليس له في الإبقاء فيها حق ، فإن أضيف فالمراد بالظالم الغارس ، وسمي ظالما ; لأنه تصرف في ملك الغير بلا استحقاق ، وإن وصف به فالمغروس سمي به ; لأنه الظالم ، أو لأن الظلم وصل به على الإسناد المجازي . وقيل : معناه : لعرق ذي ظلم ، قال ابن حبيب : بلغني عن ربيعة أنه قال : العرق الظالم عرقان ، ظاهر وباطن ، فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار ، والظاهر الغرس ، وعنه العروق أربعة : عرقان فوق الأرض وهما الغرس والنبات ، وعرقان في جوفها المياه والمعادن ، وفي المعرفة للبيهقي قال الشافعي : جماع العرق الظالم كل ما حفر أو غرس أو بني ظلما في حق امرئ بغير خروجه منه ، وفي كتاب الخراج لابن آدم عن الثوري وسئل عن العرق الظالم ، فقال : هو المنتزى . ( قلت ) : من انتزى على أرضي إذا أخذها ، وهو من باب الافتعال من النزو بالنون والزاي ، وهو الوثبة . وعند النسائي عن عروة بن الزبير هو الرجل يعمل الأرض الخربة وهي للناس ، وقد عجزوا عنها ، فتركوها حتى خربت .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية