الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2302 [ ص: 275 ] (وقال أحمد بن سعد ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا زكرياء ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ولا يختلى خلاها ، فقال عباس : يا رسول الله ، إلا الإذخر ، فقال إلا الإذخر) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  اختلف في أحمد بن سعيد هذا فقال محمد بن طاهر المقدسي : هو أبو عبد الله أحمد بن سعيد الرباطي ، وقال أبو نعيم : هو أحمد بن سعيد الدارمي ، وروح هو ابن عبادة ، وزكرياء هو ابن إسحاق المكي ، ووصل هذا التعليق الإسماعيلي من طريق العباس بن عبد العظيم ، وأبو نعيم من طريق خلف بن سالم ، كلاهما عن روح بن عبادة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لا يعضد " بالجزم أي لا يقطع ، وقال الكرماني بالجزم والرفع ، قلت : الجزم على أنه نهي ، والرفع على أنه نفي ، والعضاه شجر أم غيلان ، وكل شجر له شوك عظيم ، الواحدة عضة بالتاء ، وأصلها عضهة ، وقيل : واحدته عضاهة ، وعضهت العضاه إذا قطعتها ، قوله : " إلا لمنشد " وهو المعرف يقال : أنشدته أي عرفته ، وقال ابن بطال قيل : معنى المنشد من سمع ناشده يقول من أصاب كذا ، فحينئذ يجوز للملتقط أن يرفعها لكي يردها ، وقال النضر بن شميل : المنشد الطالب ، وهو صاحبها ، وقال أبو عبيد : لا يجوز في العربية أن يقال للطالب المنشد ، إنما هو المعرف ، والطالب الناشد ، وقيل : إنما لا يتملك لقطتها لإمكان إيصالها إلى ربها إن كانت للمكي فظاهر ، وإن كانت للغريب فيقصد في كل عام من أقطار الأرض إليها ، فيسهل التوصل إليها ، قوله : " ولا يختلى خلاها " الخلا مقصورا النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا ، واختلاؤه قطعه ، واختلت الأرض كثر خلاها ، فإذا يبس فهو حشيش ، والإذخر بكسر الهمزة حشيشة طيبة الرائحة ، يسقف بها البيوت فوق الخشب ، وهمزتها زائدة ، قاله ابن الأثير ، واختلف العلماء في لقطة مكة فقالت طائفة : حكمها كحكم سائر البلدان ، وقال ابن المنذر : وروينا هذا القول عن عمر وابن عباس وعائشة وابن المسيب ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد ، وقالت طائفة : لا تحل ألبتة وليس لواجدها إلا إنشادها ، وهو قول الشافعي وابن مهدي وأبي عبيد بن سلام .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية