الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            13 - باب الحجامة للصائم

                                                            1342 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، [ ص: 99 ] أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان ، فقال وهو آخذ بيدي : " أفطر الحاجم والمحجوم " .

                                                            [ ص: 100 ] 1343 - هذا حديث قد رواه هشيم ، عن منصور ، عن أبي قلابة هكذا . وفيه بيان التاريخ للوقت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام .

                                                            1344 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " احتجم محرما صائما " .

                                                            1345 - قال الشافعي : وسماع ابن عباس من رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الإسلام . فذكر ابن عباس حجامة النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الإسلام سنة عشر ، وحديث " أفطر الحاجم والمحجوم " في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ وحديث " أفطر الحاجم والمحجوم " منسوخ .

                                                            1346 - قلت : ولحديث ابن عباس هذا شاهد من حديث الأنصاري ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس . وقال : أكثرهم في حديث مقسم ، وميمون : " احتجم وهو صائم محرم " .

                                                            ورواه عكرمة عن ابن عباس دون ذكر الإحرام .

                                                            [ ص: 101 ] ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صام في حجه وهو محرم تطوعا ، فاحتجم وهو صائم ولو كان مفطرا بالحجامة لقيل : احتجم فأفطر ، كما قيل قاء فأفطر ، وما لا يفطر به المتطوع لا يفطر به المفترض .

                                                            1347 - وحديث أبي المتوكل ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم " رخص في الحجامة للصائم . يؤكد هذه الطريقة في دعوى النسخ " وكذلك ما روي عن ابن عباس من فتواه كما يؤكد ما رواه .

                                                            1348 - أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة أخبرنا أبو جعفر بن دحيم ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، أخبرنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس : أنه ذكر عنده الوضوء من الطعام - قال الأعمش مرة : والحجامة للصائم - فقال : " إنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل ، وإنما الفطر مما دخل وليس مما خرج " .

                                                            1349 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حدثنا إبراهيم بن الحسين ، حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، عن حميد ، قال : سمعت ثابتا البناني وهو يسأل أنس بن مالك : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ؟ قال : لا . إلا من أجل الضعف " .

                                                            1350 - قال الشافعي ( رضي الله عنه ) : فإن توقى رجل الحجامة كان أحب إلي احتياطا ولئلا يعرض صومه أن يضعف فيفطر ، والله أعلم .

                                                            * * *

                                                            [ ص: 102 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية