الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            21 - باب ما ينهى عنه من قتل الصيد في الإحرام والحرم

                                                            قال الله عز وجل : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل . . وقال : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما .

                                                            فيحرم قتل الصيد من البر على المحرم ، وهو يؤكل من زوائد الوحش وطائره ويجزى من قتله عمدا بالكتاب وخطؤه بالقياس على قتل الآدمي بمثله من النعم ، والنعم : الإبل والبقر والغنم ، فإن لم يكن له مثل من النعم جزاؤه بقيمته ؛ إلا الحمام فإنه يجزئه بالشاة اتباعا للآثار في قتله في الحرم ، ثم هو بالخيار كما قال الله تعالى : هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما .

                                                            رواه الشافعي ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن عطاء .

                                                            1570 - قال الشافعي : وإذا سئل المفتي عما أصاب المحرم من الصيد ، فإن كان عن شيء قد مضى به أو حكم به ذوا عدل أخبر به لأنه إنما يخبر بما قد حكم به ذوا عدل أفضل منه ، فإن سئل عن شيء لم يحكم به فيما مضى حكم به وأخذ معه قياسا .

                                                            وإذا أراد أن يعلم قوما ما وجب عليهم من النعم بدراهم ، ثم قوم الدراهم طعاما فتصدق به فإن أراد أن يصوم صام عن كل مد يوما .

                                                            1571 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة بن جابر الأسدي ، قال : " كنت محرما فرأيت ظبيا فرميته فأصبت خششاءه - يعني أصل قرنه - فمات ؛ فوقع في نفسي من ذلك ، فأتيت عمر بن الخطاب أسأله ، فوجدت إلى جنبه رجلا أبيض رفيق الوجه وإذا هو عبد الرحمن بن عوف ، فسألت عمر ، فالتفت إلى عبد [ ص: 163 ] الرحمن ، فقال : ترى شاة تكفيه ؟ قال : نعم . فأمرني أن أذبح شاة . . ، وذكر الحديث " .

                                                            1572 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، عن ابن عيينة ، حدثنا مخارق ، عن طارق بن شهاب ، قال : " خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال له إربد ضبا ففزر ظهره ، فقدمنا على عمر ( رضي الله عنه ) فسأله إربد ، فقال له عمر : احكم يا إربد فيه . فقال : أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم ، فقال عمر ( رضي الله عنه ) : إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني . فقال إربد : أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر . فقال عمر : فذاك فيه " .

                                                            1573 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا جرير بن حازم ، قال : سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع ؟ فقال : " هو صيد " ، وجعل فيها كبشا إذا أصابها المحرم " .

                                                            1574 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني ، أخبرنا أبو بكر جعفر المزكي ، حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا مالك ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله : أن عمر بن الخطاب " قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة " .

                                                            1575 - وروينا عن ابن عباس " فيمن قتل نعامة ، قال : عليه بدنة من الإبل ، وفيمن قتل أرنبا ، قال : عليه عناق ، وفيمن قتل ظبيا عليه شاة " .

                                                            1576 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا [ ص: 164 ] الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " أنه قضى في حمامة من حمام مكة بشاة " .

                                                            1577 - قال الشافعي : وقال ذلك عمر ، وعثمان ، ونافع بن عبد الحارث ، وعبد الله بن عمر ، وعاصم بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء .

                                                            1578 - وروى الشافعي ، عن الثقة عنده ، عن أبي الزناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " في بيضة النعامة يصيبها المحرم : " قيمتها " .

                                                            1579 - وهذا مختلف فيه على أبي الزناد ، . فروي عنه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين " .

                                                            1580 - وقيل عنه ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " صيام يوم " .

                                                            1581 - وقيل عنه ، عن رجل ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : وهذا هو الصحيح .

                                                            وهو يرجع إلى القيمة ثم إلى الطعام ثم إلى الصيام كما ذكرنا فيما قبل ، وإذا أصاب النفر صيدا فقتلوه فعليهم جزاء واحد .

                                                            1581 - وروينا عن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، ثم ، عن ابن عمر ، وابن عباس وروجع في ذلك ابن عمر ، فقالوا : " على كل واحد منا جزاء ، فقال ابن عمر : إنكم لمعزز بكم عليكم كلكم جزاء واحد " .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية