الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            16 - باب ما يجتنبه [المحرم ] من الثياب والطيب

                                                            1527 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وغيره أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما يلبس المحرم من الثياب ؟ " قال : " لا تلبسوا القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران والورس " .

                                                            1528 - ورواه سفيان الثوري ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رجلا قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . . ، فذكر معناه وزاد فيه : " ولا العباء " .

                                                            1529 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان . . ، فذكره .

                                                            1530 - ورواه الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر بمعناه ، لم يذكر العباء ، وزاد في آخره موصولا بالحديث : " ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " .

                                                            [ ص: 153 ]

                                                            1531 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري ، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي ، حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات ، فقال : " من لم يجد الإزار فليلبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين " .

                                                            قلت : فأما المرأة فـ :

                                                            1532 - فأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن حنبل ( رضي الله عنه ) ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق قال : قال نافع مولى عبد الله بن عمر : حدثني عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قمصا أو خفا " .

                                                            1532 - وروينا عن عائشة في " سدل إحداهن جلبابها من رأسها على وجهها إذا مر بهن الركبان " .

                                                            1533 - عن ابن عباس : " تدلي عليها من جلابيبها ولا تضرب به وجهها " .

                                                            1534 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس محمد [ ص: 154 ] بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة فأتاه رجل وعليه مقطعة ( يعني جبة ) ، وهو متضمخ بالخلوق ، فقال : يا رسول الله ! إني أحرمت بالعمرة وهذه علي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما كنت تصنع في حجك ؟ " قال : كنت أنزع هذه المقطعة وأغسل هذا الخلوق ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك " .

                                                            1535 - قال الشافعي : " ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكفارة هذا لأنه كان جاهلا بأنه يحرم لبسها للمحرم ، وأما الخلوق فإنه أمره بالغسل فيما نرى ، والله أعلم للصفرة عليه لأنه نهى أن يتزعفر الرجل محرما كان أو غير محرم " .

                                                            1536 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، هو الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، أخبرني عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى أن يتزعفر الرجل " .

                                                            1537 - وروينا عن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) أنه كره لطلحة بن عبيد الله أن يلبس الثياب المصبغة في الإحرام وإن كان بغير طيب مخافة أن يراه الجاهل فيذهب إلى أن الصبغ واحد فيلبس المصبوغ بالطيب .

                                                            1538 - وروينا عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن الريحان أيشمه المحرم ؟ والطيب والدهن ؟ فقال : " لا " .

                                                            [ ص: 155 ]

                                                            1539 - وعن ابن عمر أنه كان " يكره شم الريحان للمحرم " .

                                                            1540 - وروينا عن ابن عباس أنه كان " لا يرى بأسا بشم الريحان " .

                                                            والأول أولى . وهو قول الشافعي في الجديد ، واختاره أيضا في القديم وقال : " هذا أحوط وبه نأخذ ، فاتفق قوله في القديم على ما ذهب إليه ابن عمر ، وجابر " .

                                                            1541 - وروينا عن فرقد ، وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس وقيل عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم " ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم . يعني غير مطيب ، .

                                                            وهذا والله أعلم في تدهين المحرم جسده بغير طيب دون رأسه ولحيته فإن الدهن يرجل شعره ، والحاج أشعث أغبر ولا يدهن رأسه ولحيته ، وله أن يغتسل ويغسل رأسه " .

                                                            1542 - ففي حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان " يغسل رأسه وهو محرم " .

                                                            1543 - وقال عمر بن الخطاب وهو محرم " اصبب على رأسي والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا " .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية