الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1975 - (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر) (حم) (ن) هـ (حب) (ك) عن ثوبان. (ح)

التالي السابق


(إن الرجل) يعني الإنسان (ليحرم) بالبناء للمفعول أي يمنع وحذف الفاعل في مقام منع الرزق أنسب (الرزق) أي بعضه يعني ثواب الآخرة أو نعم الدنيا من نحو صحة ومال بمعنى محق البركة منه (بالذنب يصيبه) وفي رواية بذنبه أي بشؤم كسبه للذنب ولو بأن تسقط منزلته من القلوب ويستولي عليه أعداؤه أو ينسى العلم حتى قال بعضهم إني لأعرف عقوبة ذنبي في سوء خلق حماري وقال آخر أعرفه من تغير الزمان وجفاء الإخوان ولا يقدح فيه ما يرى من أن الكفرة والفسقة أعظم مالا وصحة من العلماء لأن الكلام في مسلم يريد الله رفع درجته في الآخرة فيعاقبه من ذنوبه في الدنيا فاللام في الرجل للعهد والمعهود بعض الجنس من المسلمين ذكره المظهر وبه عرف أنه لا تناقض بينه وبين خبر إن الرزق لا ينقصه المعصية ولهذا وجه بعضهم الخبر بأن لله لطائف يحدثها للمؤمن ليصرف وجهه إليه عن اتباع شهوته والانهماك في نهمته فإذا اشتغل بذلك عن ربه حرم رزقه فيكون زجرا له إليه عما أقبل عليه وتأديبا له أن لا يعود لمثله كطفل دعته أمه فأعرض عنها فيعدو إلى لهو فيعثر فيقوم ويعدو إليها راجعا قال بعضهم: واعلم أن من الحوادث ما ظاهره عنف وباطنه لطف كحرمان الرزق بما يصيبه من الذنب فإن العبد إذا أعرض عن ربه واشتغل بما أسبغ عليه وأحب إقباله عليه حرم سعة ما بسط له ليخاف فيرتدع ويضيق عليه جهات الرزق فيلجأ إليه ويقبل بالتضرع إليه ومن أراد غير ذلك زاده على ذنبه نعما ليزداد إعراضا وشغلا فإن قيل كيف يحرم الرزق المقسوم؟ قلنا يحرم بركته أو سعته أو الشكر عليه ذكره بعضهم وقال القونوي الذنوب كلها نجاسات باطنة وإن كان لبعضها خواص تتعدى من الباطن إلى الظاهر وهو ما أشار إليه بهذا الحديث ولهذا الحديث سر آخر وهو أن الحرمان قد يكون بالنسبة إلى الرزق المعنوي والروحاني وقد يكون من الرزق الظاهر المحسوس (ولا يرد القضاء إلا الدعاء) [ ص: 333 ] بمعنى أن الدوام على الدعاء يطيب ورود القضاء فكأنه رده ذكره أبو حاتم وهو معنى قول البعض رده للقدر تهوينه حتى يصير القضاء النازل كأنه ما نزل ثم المراد أن الدعاء أعظم أسباب رده فبالنسبة لذلك حصره فيه وإلا فالصدقة تشاركه بدليل باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ويأتي نظيره في الحصر المذكور في قوله (ولا يزيد في العمر إلا البر) لأن البر يطيب عيشه فكأنه يزيد في عمره والذنب يكدر صفاء رزقه فكلما فكر في عاقبة أمره فكأنه حرمه أو المراد الزيادة بالنسبة لملك الموت أو اللوح لا لما في علمه تقدس فإنه لا يتبدل

(حم) (ن) هـ (حب) (ك) عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي ثم العراقي وقال المنذري رواه النسائي بإسناد صحيح.




الخدمات العلمية