الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2032 - (إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله تعالى منه فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا) (خ) عن أبي هريرة (صح)

التالي السابق


(إن الشيطان) أي عدو الله إبليس كما جاء مصرحا به في رواية مسلم (عرض لي) أي ظهر وبرز لي أي في صورة هر كما جاء في رواية أخرى (فشد) أي حمل (علي) في رواية إن عفريتا من الجن تفلت علي بمروره بين يدي وإليه ذهب أحمد لأن المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حكم بقطع الصلاة بمرور الكلب الأسود فقيل ما بال الأحمر والأبيض من الأسود قال الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن يتصورون بصورته ويحتمل كون قطعها بأن يصدر من العفريت أفعال تحوج إلى دفع منافية للصلاة فيقطعها بتلك الأفعال (ليقطع الصلاة) الليلية وأخر لفظ علي ليفيد أن التسليط على إرادة القطع إنما هو على ظاهر الصلاة (علي فأمكنني الله تعالى منه) أي جعلني غالبا عليه (فذعته) بذال معجمة وعين مهملة مخففة وفوقية مشددة أي خنقته خنقا شديدا قال ابن الأثير: والذعت بذال ودال الدفع العنيف والعكر في التراب وإنكار الشافعي رضي الله تعالى عنه رؤية الجن محمول على رؤيتهم على صورهم الأصلية بخلاف رؤيتهم بعد التصور في صورة أخرى على أن الكلام في غير المعصوم (ولقد هممت) أي أردت (أن أوثقه) أي أقيده (إلى سارية) من سواري المسجد (حتى تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح (فتنظروا إليه) موثقا بها وفي رواية أو تنظروا إليه على الشك (فذكرت قول) زاد في رواية أخي (سليمان) عليه السلام قال الحرالي: يقال هو من السلامة وأنه من سلامة مقدرة من تعلقه بما خوله الله من ملكيه هذا من فضل ربي ليبلوني [ ص: 356 ] أأشكر أم أكفر وهو واحد كمال في ملك العالم المشهور من الأركان الأربعة وما فيها من المخلوقات (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) فاستجيب دعاؤه (فرده الله) أي دفعه الله وطرده (خاسئا) أي صاغرا مهينا ولم أحب أن أشارك سليمان عليه السلام في ذلك لتكون دعوتي مدخرة لأمتي وهي من خسأت الكلب فانخسأ أي زجرته فانزجر قال الحكيم: وجه خصوصية سليمان عليه الصلاة والسلام أن غيره من الحكام أمر أن يحكم بالظاهر بشاهدين ويمين المنكر وربما شهد زورا وحلف كاذبا والذي سأله سليمان عليه الصلاة والسلام فأعطيه الحكم بما يصادف الحق باطنا فكان يحكم بين الوحش والطير والإنس والجن قال الإمام الرازي رحمه الله تعالى: والجن أجسام لطيفة فيحتمل أن تصور بصورة يمكن ربطه معها حتى يعود لما كان عليه قال الغزالي : وفي الحديث إشارة إلى أنه لا يخلو قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة

(خ) عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه بل روياه معا في الصلاة عن أبي هريرة عنه بلفظ إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي إلى آخر ما هنا.




الخدمات العلمية