الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2191 - (إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان) (حم) عن عمر. (صح)

التالي السابق


(إن أخوف ما أخاف على أمتي) قال الطيبي: أضاف أفعل إلى ما وهي نكرة موصوفة ليدل على أنه إذا استقصى الأشياء المخوفة لم يوجد أخوف من قول (كل منافق عليم اللسان) أي كثير علم اللسان جاهل القلب والعمل اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبة وأبهة يتعزز ويتعاظم بها يدعو الناس إلى الله ويفر هو منه ويستقبح عيب غيره ويفعل ما هو أقبح منه ويظهر للناس التنسك والتعبد ويسارر ربه بالعظائم إذا خلا به ذئب من الذئاب لكن عليه ثياب فهذا هو الذي حذر منه الشارع صلى الله عليه وسلم هنا حذرا من أن يخطفك بحلاوة لسانه ويحرقك بنار عصيانه ويقتلك بنتن باطنه وجنانه، قال الزمخشري رحمه الله: والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى وأمقتهم عنده لأنهم خلطوا بالكفر تمويها وتدليا وبالشكر استهزاء وخداعا ولذلك أنزل فيهم إن المنافقين في الدرك الأسفل انتهى. وكان يحيى بن معاذ يقول لعلماء الدنيا يا أصحاب القصور قصوركم قيصرية وبيوتكم كسروية وأبوابكم ظاهرية وأخفافكم جالوتية ومراكبكم قارونية وأوانيكم فرعونية ومآثمكم جاهلية ومذاهبكم شيطانية فأين المحمدية والعالمية وأكثر علماء الزمان ضربان ضرب منكب على حطام الدنيا لا يمل من جمعه وتراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهج في المزابل يطير من عذرة إلى عذرة وقد أخذت دنياه بمجامع قلبه ولزمه خوف الفقر وحب الإكثار واتخذ المال عدة للنوائب لا يتنكر عليه تغلب الدنيا وضرب هم أهل تصنع ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام شحا على رئاستهم يلتقطون الرخص ويخادعون الله بالحيل ديدنهم المداهنة وساكن قلوبهم المنى طمأنينتهم إلى الدنيا [ ص: 420 ] وسكونهم إلى أسبابها اشتغلوا بالأقوال عن الأفعال وسيكافئهم الجبار المتعال

(حم) عن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا البزار وأبو يعلى . قال المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح وقال الهيثمي رجاله موثوقون انتهى.




الخدمات العلمية