الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3514 ) فصل : وإذا أراد أن يجري ماء في أرض غيره لغير ضرورة ، لم يجز إلا بإذنه ، وإن كان لضرورة ، مثل أن يكون له أرض للزراعة ، لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره ، فهل له ذلك ؟ على روايتين ، إحداهما ، لا يجوز ; لأنه تصرف في أرض غيره بغير إذنه ، فلم يجز ، كما لو لم تدع إليه ضرورة ، ولأن مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره ، بدليل أنه لا يباح له الزرع في أرض غيره ، ولا البناء فيها ، ولا الانتفاع بشيء من منافعها المحرمة عليه قبل هذه الحاجة .

                                                                                                                                            والأخرى يجوز ; لما روي أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا من العريض ، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة ، فأبى ، فقال له الضحاك : لم تمنعني وهو منفعة لك ، تشربه أولا وآخرا ، ولا يضرك ؟ فأبى محمد ، فكلم فيه الضحاك عمر ، فدعا محمد بن مسلمة ، وأمره أن يخلي سبيله . فقال محمد : لا والله . فقال له عمر : لم تمنع أخاك ما ينفعه ، وهو لك نافع ، تشربه أولا وآخرا ؟ فقال محمد : لا والله . فقال عمر : والله ليمرن به ولو على بطنك . فأمره عمر أن يمر به ، ففعله . رواه مالك في " موطئه " ، وسعيد في " سننه " . والأول أقيس ، وقول عمر يخالفه قول محمد بن مسلمة ، وهو موافق للأصول ، فكان أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية