الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3551 ) فصل : وليس للرجل التصرف في ملكه تصرفا يضر بجاره ، نحو أن يبني فيه حماما بين الدور ، أو يفتح خبازا بين العطارين ، أو يجعله دكان قصارة يهز الحيطان ويخربها ، أو يحفر بئرا إلى جانب بئر جاره يجتذب ماءها . وبهذا قال بعض أصحاب أبي حنيفة . وعن أحمد رواية أخرى : لا يمنع . وبه قال الشافعي ، وبعض أصحاب أبي حنيفة لأنه تصرف في ملكه المختص به ، ولم يتعلق به حق غيره ، فلم يمنع منه ، كما لو طبخ في داره أو خبز فيها ، وسلموا أنه يمنع من الدق الذي يهدم الحيطان وينثرها . [ ص: 334 ]

                                                                                                                                            ولنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا ضرر ولا ضرار } . ولأن هذا إضرار بجيرانه ، فمنع منه ، كالدق الذي يهز الحيطان وينثرها ، وكسقي الأرض الذي يتعدى إلى هدم حيطان جاره ، أو إشعال نار تتعدى إلى إحراقها . قالوا : هاهنا تعدت النار التي أضرمها ، والماء الذي أرسله ، فكان مرسلا لذلك في ملك غيره ، فأشبه ما لو أرسله إليها قصدا . قلنا : والدخان هو أجزاء الحريق الذي أحرقه ، فكان مرسلا له في ملك جاره ، فهو كأجزاء النار والماء . وأما دخان الخبز والطبيخ ، فإن ضرره يسير ، ولا يمكن التحرز منه ، وتدخله المسامحة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية