الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3283 ) فصل : وإن رهنه مالا له في يد المرتهن ; عارية أو وديعة أو غصبا أو نحوه ، صح الرهن ; لأنه مالك له يمكن قبضه ، فصح رهنه ، كما لو كان في يده . وظاهر كلام أحمد لزوم الرهن بنفس العقد ، من غير احتياج إلى أمر زائد ، فإنه قال : إذا حصلت الوديعة في يده بعد الرهن ، فهو رهن . فلم يعتبر أمرا زائدا ; وذلك لأن اليد ثابتة ، والقبض حاصل .

                                                                                                                                            وإنما يتغير الحكم لا غير ، ويمكن تغير الحكم مع استدامة القبض . كما لو طولب الوديعة فجحدها لتغير الحكم ، وصارت مضمونة عليه من غير أمر زائد . ولو عاد الجاحد ، فأقر بها ، وقال لصاحبها : خذ وديعتك . فقال : دعها عندك وديعة كما كانت ، ولا ضمان عليك فيها . لتغير الحكم من غير حدوث أمر زائد . وقال القاضي وأصحاب الشافعي : لا يصير رهنا حتى تمضي مدة يتأتى قبضه فيها ، فإن كان منقولا فبمضي مدة يمكن نقله فيها ، وإن كان مكيلا فبمضي مدة يمكن اكتياله فيها ، وإن كان غير منقول فبمضي مدة التخلية ، وإن كان غائبا عن المرتهن لم يصر مقبوضا حتى يوافيه هو أو وكيله ، ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها ; لأن العقد يفتقر إلى القبض ، والقبض إنما يحصل بفعله أو بإمكانه ، ويكفي ذلك ، ولا يحتاج إلى وجود حقيقة القبض ، لأنه مقبوض حقيقة .

                                                                                                                                            [ ص: 220 ] فإن تلف قبل مضي مدة يتأتى قبضه فيها ، فهو كتلف الرهن قبل قبضه . ثم هل يفتقر إلى الإذن من الراهن في القبض ؟ يحتمل وجهين : أحدهما ، يفتقر ، لأنه قبض يلزم به عقد غير لازم ، فلم يحصل بغير إذن ، كما لو كان في يد الراهن ، وإقراره في يده لا يكفي ، كما لو أقر المغصوب في يد غاصبه مع إمكان أخذه منه .

                                                                                                                                            والثاني ، لا يفتقر إلى إذن في القبض ; لأن إقراره له في يده بمنزلة إذنه في القبض . فإن أذن له في القبض ، ثم رجع عنه قبل مضي مدة يتأتى القبض فيها ، لم يلزم الرهن . حتى يعود فيأذن ، ثم تمضي مدة يقبضه في مثلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية