الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وخلط بذر إن كان ، ولو بإخراجهما )

                                                                                                                            ش : يعني أنه يكفي في خلط البذر أن يخرجاه ، ولو زرع هذا في ناحية ، وهذا في ناحية وزرع أحدهما متميز عن الآخر ، وهذا قول مالك وابن القاسم وعليه يتفرع قوله بعد هذا : فإن لم ينبت بذر أحدهما إلى آخره وأشار بلو إلى قول سحنون أنه لا يكفي ذلك بل لا بد من خلطهما في المزارعة حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر قال ابن الحاجب : والبذر المشترك شرطه الخلط كالمال قال في التوضيح لما كان الخلط ظاهرا في عدم تمييز أحدهما عن الآخر بين أنه ليس المراد ذلك بقوله كالمال فأشار إلى ما قدمه وهو إما أن يكون تحت أيديهما ، أو أحدهما وهكذا قال مالك وابن القاسم واللخمي واختلف عن سحنون فقال مرة بقول مالك ، وقال مرة إنما تصح الشركة إذا خلطا الزريعة ، أو جمعاها في بيت ، أو حملاها إلى فدان ونص هذا الثاني عند ابن يونس ومن كتاب ابن سحنون وإذا صحت الشركة في المزارعة ، وأخرجا البذر جميعا إلا أنهما لم يخلطا فزرع هذا في فدان ، أو في بعضه وزرع الآخر في الناحية الأخرى ولم يعملا على ذلك فإن الشركة لا تنعقد ولكل واحد ما أنبت حبه ، ويتراجعان في فضل الأكرية ويتقاصان ، وإنما تتم الشركة إذا خلطا ما أخرجاه من الزريعة ، أو جمعاها في بيت واحد ، أو حملاها جميعا إلى الفدان وبذر كل واحد في طرفه فزرعا واحدة ثم زرعا الأخرى فهو جائز كما لو جمعاها في بيت بعض القرويين وعند ابن القاسم أن الشركة جائزة خلطا أو لم يخلطا . ابن عبد السلام ولعل المصنف إنما سكت لاحتماله جواز الإقدام على ذلك ابتداء ، أو أنه ممنوع ، أو لا لكنه إذا وقع مضى وهو الظاهر من تفريعه انتهى .

                                                                                                                            ، وقال اللخمي : فصل اختلف إذا كان البذر من عندهما هل من شرط الصحة أن يخلطاه من قبل الحرث فأجاز مالك وابن القاسم الشركة إذا أخرجا قمحا ، أو شعيرا ، وإن لم يخلطاه وهو أيضا أصلهما في الشركة في الدراهم والدنانير واختلف عن سحنون فذكر مثل ما تقدم انتهى .

                                                                                                                            فأشار المصنف إلى أن الخلط يكفي فيه إخراجهما البذر ، ولو لم يخلطاها كما هو عند مالك وابن القاسم وأحد قولي سحنون وأشار إلى قول سحنون الثاني بلو كما تقدم بيانه وحمل الشارح كلام المصنف على أنه مشى على قول سحنون وهو غير ظاهر ، ولا يتأتى عليه ما فرعه المؤلف ، وإن لم ينبت إلى آخره ، فتأمله ، والله أعلم ( تنبيه ) قال في التوضيح في قول ابن الحاجب المتقدم : والبذر المشترك شرطه الخلط بعد أن تكلم على فروع المسألة ( تنبيه ) بقي على المصنف شرط آخر في البذر وهو تماثلهما جنسا فإن أخرج أحدهما قمحا ، والآخر شعيرا ، أو سلتا ، أو صنفين من القطنية فقال سحنون لكل واحد ما أنبت بذره ويتراجعان في الأكرية ثم قال : يجوز إذا اعتدلت القيمة اللخمي يريد والمكيلة انتهى .

                                                                                                                            ونقله ابن عرفة عن ابن يونس عن سحنون وزاد بعده قال بعض القرويين من لم يجز الشركة بالدنانير والدراهم لم يجز المزارعة بطعامين مختلفين ، ولو اعتدلت قيمتهما لعدم حصول المناجزة لبقاء يد كل واحد على طعامه ولكل واحد ما أنبت طعامه ، ولا يكون التمكين قبضا كالشركة الفاسدة بالعروض لا يضمن كل واحد سلعة صاحبه ، وإنما يشتركان بأثمان السلع التي وقعت الشركة فيها فاسدة انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية