الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وفي تحوله على الأدنى تردد )

                                                                                                                            ش : يعني أن الأشياخ المتأخرين ترددوا في جواز تحوله من الدين الأعلى [ ص: 94 ] إلى أدنى منه يريد ، أو من الكثير إلى أقل منه وأكثر الشيوخ على الجواز ، وظاهر كلامه في التوضيح وكلام غيره : أن التردد جار في التحول من الكثير إلى القليل بل كلامهم صريح في ذلك فإن لفظ صاحب المقدمات القائل بالمنع شرطها تماثلهما في الصفة والقدر لا أقل ولا أكثر ولا أدنى ولا أفضل ا هـ .

                                                                                                                            ( قلت ) هذا ، والله أعلم إذا كانت الحوالة مجملة كما إذا كان قال له : أحيلك بالمائة التي لك على فلان بن فلان بعشرة لي عنده أما إذا قال له : أسقط عنه التسعين ، وأحتال بالعشرة الباقية على فلان فالظاهر أنه لا يتأتى فيه التردد ، والله أعلم .

                                                                                                                            قال في التوضيح وما ذكره المصنف يعني ابن الحاجب من جواز التحويل بالأعلى على الأدنى موافق للخمي والمازري وابن شاس ووجهه أنه أقوى في المعروف ا هـ . وقال ابن رشد وعياض : لا يجوز . وأما التحول من الأدنى إلى الأعلى فقال في التوضيح : وقع في بعض نسخ ابن الحاجب في قوله : فيجوز بالأعلى على الأدنى موضع " على " : " عن " فتكون بمعنى على ولا يصح أن تكون باقية على معناها ; لأنه يكون المعنى حينئذ : فيجوز أخذ الأعلى عن الأدنى وذلك لا يجوز ، صرح بذلك غير واحد ا هـ .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة : ويشترط تماثل صنف الدينين وفي شرط تساويهما في الصفة والقدر مطلقا وجواز كون المحال عليه أقل أو أدنى ، قول المقدمات : شرطها تماثلهما في الصفة والقدر لا أقل ولا أكثر ولا أدنى ولا أفضل . ونص اللخمي مع المازري والمتيطي ، وقال : شروطها ستة : كونها على دين ، واتحاد جنس الدينين ، واتحاد قدرهما وصفتهما ، أو كون المحال عليه أقل أو أدنى ا هـ . كلام ابن عرفة وفي الجواهر الشرط الثالث : أن يكون ما على المحال عليه مجانسا لما على المحيل قدرا ووصفا فإن كان بينهما تفاوت يفتقر في أدائه عنه إلى المعاوضة ، أو الرضا دون المعاوضة لم يجز ، وإن لم يفتقر بل كان مما يجبر على قبوله كأداء الجيد عن الرديء فيتحول عن الأعلى إلى الأدنى وعن الأكثر إلى الأقل ا هـ . يعني : وإن كان التفاوت بين الدينين لا يفتقر إلى المعاوضة ولا إلى الرضا بل كان مما يجبر على قبوله كأداء الجيد عن الرديء فيجوز فيه اختلاف الدينين لكن بشرط أن يتحول من الأعلى إلى الأدنى ، أو من الأكثر إلى الأقل فتأمله .

                                                                                                                            ومقتضى كلامه أنه إذا أعطى من له أدنى أعلى أنه يجبر على قبوله ، وقال في السلم من التوضيح : إن ظاهر المذهب خلافه فاعلمه .

                                                                                                                            ( فرع ) قال في التوضيح إثر الكلام المتقدم وحيث حكم بالمنع في هذا الفصل فإنما ذلك إذا لم يقع التقابض في الحال ، وأما لو قبضه لجاز ففي الموازية : إذا اختلفا في الصنف ، أو في الجودة والصنف وأحدهما طعام أو عين أو عرض من بيع أو قرض ، أو أحدهما من بيع والآخر من قرض فلا تصح الحوالة ، وإن حلا ، محمد إلا أن يقبضه قبل أن يتفرقا فيجوز إلا في الطعام من بيع فلا يصح أن يقبضه إلا صاحبه قال : وكذلك إن كان أحدهما ذهبا ، والآخر ورقا فلا يحيله به ، وإن حلا إلا أن يقبضه مكانه قبل افتراق الثلاثة وطول المجلس ا هـ .

                                                                                                                            ص ( لا كشفه عن ذمة المحال عليه )

                                                                                                                            ش : تقدم في كلام التوضيح في القولة الأولى من هذا الباب أنه قال : وفي المتيطية عن مالك إجازة الحوالة مع الجهل بذمة المحال عليه ا هـ . ويعني بهذا أن الحوالة مخالفة لبيع الدين ، وما ذكره المتيطي عن مالك جعله اللخمي وغيره المذهب ، ونص اللخمي في كتاب الحوالة من تبصرته : " فصل وإجازة مالك الحوالة مع الجهل بذمة المحال عليه إن كان لا يدري أموسر هو أو معسر انتهى .

                                                                                                                            وإليه أشار المؤلف بقوله : لا كشفه عن ذمة المحال عليه " والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية