الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( العاشر ) قال في المتيطية : قال أحمد بن سعيد الهندي ، وغيره من الموثقين : وإنما يشهد على ضيق الطريق مجملا دون تحديد يذرع ما حده أهل العلم من الضيق والسعة ، وأما أن يشهدوا فيه على الجملة وهو من غير أهل العلم فلا تعمل شهادتهم شيئا ، ولا يجب أن يقضى بها وروي في سعة الطريق سبعة أذرع وما نقص منها فهي ضيقة ، ويدل عليه ما في مسند ابن أبي شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الطريق الميتاء سبعة أذرع } قال ابن الهندي : وقد حضرت الفتيا بذلك وذكر أبو محمد في نوادره أنه اختلف في ذلك فقيل : الواسعة ثمانية أشبار ، وقيل سبعة انتهى .

                                                                                                                            ، وقال أبو الحسن الصغير قال ابن أبي حمراء في وثائقه : الزقاق الواسعة سبعة أذرع فأكثر ، والضيق ما دون ذلك انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن عرفة كلام ابن الهندي الأخير أعني قوله ، وقد : حضرت الفتيا بذلك وذكر كلام الشيخ أبي محمد ثم قال بعده حديث سبعة أذرع إنما ذكره عبد الحق من مصنف عبد الرزاق ، وقال : في سنده جابر الجعفي ولم يزد ، وقال المزي في رجال الكتب الستة هو من أكبر علماء الشيعة وثقه شعبة وتركه جماعة وروى عنه شعبة ، والسفيانان انتهى . ( قلت : ) قال شيخ شيوخنا الحافظ ابن حجر في تقريبه جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد الله الكوفي ضعيف رافضي من الخامسة مات سنة سبع وعشرين ومائة وقيل سنة اثنين وثلاثين أخرج له أبو داود ، والترمذي وابن ماجه وفي صحيح البخاري في كتاب المظالم إذا اختلفوا في الطريق الميتاء وهي الرحبة تكون بين الطريقين ثم يريد أهلها البنيان فيترك منها للطريق سبعة أذرع قال في فتح الباري هو مصير منه يعني من البخاري إلى اختصاص الحكم بالصورة التي ذكرها ، وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال : لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يريد ابتداءها في قدرها كبلد يفتحه المسلمون وليس فيها طريق مسلوك ، وكموات يقطعه الإمام لمن يحييه إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة ، وقال غيره : مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضوا على شيء كان ذلك لهم ، وإن اختلفوا جعل سبعة أذرع انتهى .

                                                                                                                            ثم ذكر البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه { قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشاجروا في الطريق سبعة أذرع } قال في فتح الباري قوله تشاجروا تفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا وللإسماعيلي : إذا اختلف الناس في الطريق ولمسلم إذا اختلفتم ، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجه بلفظ { إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع } وزاد المستملي في روايته الميتاء ولم يتابع عليه وليست محفوظة في حديث أبي هريرة ، وإنما ذكرها المؤلف يعني البخاري في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته ، وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم { إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع } وروى عبد الله بن محمد في زيادات المسند والطبري من حديث عبادة بن الصامت : " قضى [ ص: 170 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء " فذكر في أثناء حديث طويل ، ولابن عدي من حديث أنس : " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض الميتاء التي تؤتى من كل مكان " فذكره وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال وقوله : سبعة أذرع الذي يظهر أن المراد بالذراع قدر ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل وقيل ذراع البنيان المتعارف انتهى . والمستملي أحد رواة البخاري

                                                                                                                            ( قلت : ) قال ابن رشد في نوازل سحنون من كتاب الأقضية في أثناء الكلام على مسألة الساباط : وإذا اختلف البانيان المتقابلان في الفحص فيما يجعل للطريق ، أو تشاحا فأراد كل واحد منهما أن يقرب جداره من جدار صاحبه جعلا الطريق سبعة أذرع بالذراع المعروفة بذراع البنيان فإذا بنى كل واحد منهما فيما بنى ميزابا للمطر على الطريق لم يمنع انتهى .

                                                                                                                            ( الحادي عشر ) تقدم في كلام بعضهم إثبات التاء في سبعة أذرع وفي كلام بعضهم حذفها ; لأن الذراع يذكر ويؤنث قال في الصحاح : ذراع اليد يذكر ويؤنث .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية