الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( أو الموسر إن سكت )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة : وإن سكت الحميل ، وقد علم بالتأخير لزمته الحمالة ا هـ . قال أبو الحسن في التقاييد سكت حتى حل الأجل ، وانظر ما في التقاييد في كلام ابن رشد ، والمقصود أن يسكت قدر ما يرى أن سكوته رضا قال في العيوب في الجارية التي دلس البائع بحملها قال أشهب إلا أن يبادر بالطلب ولم يفرط عندما ظهر بها الطلق ا هـ . فتأمله ، وانظر إذا ادعى عليه أنه علم وسكت هل يحلفه أم لا .

                                                                                                                            ص ( أو لم يعلم إن حلف أنه لم يؤخره مسقطا )

                                                                                                                            ش : قال اللخمي في تبصرته : وإن لم يعلم الحميل بالتأخير حتى حل الأجل حلف الطالب أنه لم يؤخره ليسقط الكفالة ويكون على حقه ، وهذا قول ابن القاسم ومحمل قوله أن ذمة الغريم يوم حل الأجل الأول والثاني سواء ولو كان موسرا يوم حل الأجل ثم أعسر الآن لم يكن له على الحميل شيء ; لأنه فرط في حقه حتى تلف مال غريمه ولم يعلم الكفيل فيعد راضيا ا هـ .

                                                                                                                            فإن نكل عن اليمين سقطت الحمالة كما قاله ابن رشد وابن يونس وغيرهما ، ونقله في التوضيح والشارح ، وانظر لو أشهد رب الدين وقت التأخير أنه أخر المدين غير مسقط للحمالة هل لا يحتاج إلى حلفه والظاهر أنه لا يحتاج إلى حلفه مع قيام البينة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وإن أنكر حلف أنه لم يسقط ولزمه )

                                                                                                                            ش : أي ، وإن أنكر الضامن التأخير حين علم به حلف الطالب أنه لم يسقط الحمالة ولزم الضمان الضامن وسقط التأخير ويبقى الحق حالا فإن نكل لزمه التأخير وسقطت الكفالة هذا مذهب ابن القاسم في المدونة الكفالة ساقطة بكل حال أي سواء حلف ، أو نكل وقيل : إنها لازمة بكل حال هكذا نقل ابن رشد في آخر سماع أشهب من كتاب الحمالة ونقله عنه ابن عرفة ونصه : وإن أخره مليا فأنكر حميله ففي سقوط حمالته وبقائها .

                                                                                                                            ( ثالثها ) إن أسقط الحمالة صح تأخيره وإلا حلف ما أخر إلا على بقائها وسقط تأخيره ، وإن نكل لزمه وسقطت الكفالة للغير فيها وغيره وابن القاسم فيها ا هـ . غير أنه وقع في النسخة التي رأيت من البيان إثر قوله ، وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ساقطة بكل حال وكذا نقله عنه أبو الحسن وصاحب الذخيرة وقوله : بكل حال مشكل لاقتضائه سقوط الكفالة مع حلفه أيضا ولا فرق حينئذ بينه وبين القول الثاني .

                                                                                                                            ونقل في التوضيح كلام ابن رشد بلفظ والكفالة ثابتة بكل حال إثر قوله ، وإن نكل حلف واستشكله بأنه مثل القول الثالث وكذا نقله الشارح في غالب نسخه وهو مشكل فإنه يقتضي أن مذهب ابن القاسم لزوم الكفالة إذا نكل وليس كذلك ونص كلام التوضيح المذكور الذي نقله عن البيان الأول أن يعلم فينكر فلا يلزمه تأخير الطالب ويقال له : إما أن تسقط الكفالة وإلا فاحلف أنك ما أخذته إلا على أن يبقى الكفيل [ ص: 110 ] على كفالته فإن حلف لم يلزمه التأخير ، وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ثابتة على كل حال هذا مذهب ابن القاسم في المدونة ، وإن سكت فيها عن اليمين ، وقال غيره في المدونة الكفالة ساقطة بكل حال وقيل إنها لازمة بكل حال انظر هذا فإنه كالقول الأول ا هـ . هكذا في نسختين من التوضيح وكذا نقله البساطي أعني القول الأول ثابتة بكل حال ، والثاني ساقطة ، والثالث لازمة واستشكله البساطي من وجه آخر ونص كلامه بعد ذكره قول ابن القاسم الأول أنها ثابتة بكل حال ( قلت ) : فيه شيء ; لأن يمينه كانت على أنه إنما قصد بالتأخير الكفالة فإذا نكل كان القياس أن تسقط الكفالة وهو مذهب غير ابن القاسم في المدونة ا هـ . واستشكاله هذا يرتفع بما تقدم عن البيان من أن الموجود فيه ساقطة بكل حال لا ثابتة ويبقى الإشكال من الوجه الذي ذكره في التوضيح لكن ما في البيان يبقي القول الثاني كأنه الأول لا كما استشكله المصنف من كون القول الثالث كالأول ولكن يزيل الإشكال من واحدة بزوال قوله في كل حال من القول الأول على ما في البيان والظاهر أنه في النسخ الصحيحة كذلك ; لأن ابن عرفة كذلك نقله كما تقدم وكان القول الأول الذي لابن القاسم يفرق بين أن يحلف فلا تسقط الكفالة ويسقط التأخير وبين أن ينكل فتسقط الكفالة ولا يسقط التأخير والقول الذي للغير يقول : الكفالة ساقطة في كلا الوجهين بمجرد التأخير والثالث يقول ثابتة في كلا الوجهين والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية