الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( لا أقر )

                                                                                                                            ش : هو بلا النافية الداخلة على الفعل المضارع المثبت كما قال ابن غازي ومعناه ظاهر من كلامه وكلام الشارح ( مسألة ) : من ادعي عليه بشيء ، فلم يقر ولم ينكر بل قال عقب دعوى المدعي ، وأنا أيضا لي عليك مال أو شيء سماه فلا يكون ذلك إقرارا نقله ابن فرحون عن المازري في الفصل السابع في الكلام على النيات ( مسألة ) : اختلف في السكوت هل هو كالإقرار أم لا قال في العتبية في رسم العرية من سماع عيسى من كتاب التفليس : مسألة وسئل عن رجل جاء قوما في مجلس فقال : أنا أشهدكم أن لي على فلان كذا وكذا دينارا وفلان ذلك مع القوم في المجلس فسكت ، ولم يقل نعم ولا لا ، ولم يسأله الشهود عن شيء ، ثم جاء يطلب ذلك قبله فأنكر أن يكون عليه شيء قال : نعم ذلك لازم إذا سكت ، ولم يقل شيئا قال محمد بن رشد : اختلف في السكوت هل هو يعد إذنا في الشيء وإقرارا به على قولين مشهورين في المذهب منصوص عليهما لابن القاسم في غير ما موضع من كتابه .

                                                                                                                            ( أحدهما ) : أنه إذن ( والثاني ) : أنه ليس بإذن وهو قول أبي القاسم أيضا في سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وفي سماع أصبغ من كتاب المدبر وأظهر القولين أنه ليس بإذن ; لأن في قول النبي صلى الله عليه وسلم { والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها } دليلا على أن غير البكر بخلاف البكر في الصمت ، وقد أجمعوا على ذلك في النكاح ، فوجب أن يقاس ما عداه عليه إلا ما يعلم بمستقر العادة أن أحدا لا يسكت عليه إلا برضا منه فلا يختلف في أن السكوت عليه إقرار كالذي يرى حمل امرأته فيسكت ولا ينكره ، ثم ينكره بعد ذلك وما أشبه ذلك ، وقد مضى هذا المعنى في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب النكاح وفي غير ما موضع من كتابنا هذا انتهى . ونقل ابن سلمون في وثائقه في باب الإقرار كلام ابن رشد هذا وذكر قبله مسألة من له دين على ميت وقسمت تركته بحضرته ، ولم يتكلم أن ذلك مسقط لحقه ، وتقدم كلامه في كتاب التفليس عند قول المصنف وإن ظهر دين وكلام ابن رشد في نوازل عيسى وكلام ابن فرحون والمتيطي زاد ابن فرحون إثر كلامه المتقدم في باب التفليس مسألة قال ابن القاسم : فيمن سئل عند موته هل لأحد عندك شيء فقال لا قيل له ولا لامرأتك والمرأة ساكتة ولم تتكلم ، وهي تسمع فإنها تحلف أن حقها عليه يريد إلى الآن ، وتأخذه إن قامت لها به بينة ، ولا يضرها سكوتها من المذهب لابن راشد ، ثم ذكر مسألة العتبية المذكورة هنا ، ولم ينقل كلام ابن رشد عليها ، ثم قال : فرع : وقال ابن القاسم : فيمن قال لرجل فلان الساكن في منزلك لم أسكنته فقال أسكنته بالكراء والساكن يسمع ولا ينكر ولا يغير ، ثم ادعى أن المنزل له فقال لا يقطع سكوته دعواه إن أقام البينة أن المنزل له ولا يحلف ; لأنه يقول : ظننت أنه يداعبه انتهى .

                                                                                                                            ونقل ذلك ابن سلمون أيضا إثر كلامه المتقدم في باب التفليس وزاد بعده وكتب شجرة إلى سحنون رجل أوصى بعتق أمته وهي حاضرة ساكتة تسمع ولا تدعي الحرية ، فلما مات الموصي قالت إنها حرة ، فلا يضرها سكوتها انتهى ، وذكر البرزلي في أوائل القسمة عن التونسي أنه إذا قسم بعض العقار ، وترك بعضه فلم يتكلم من له دين على ميت حين القسمة ، ثم تكلم بعد ذلك ، واعتذر بأنه إنما ترك الكلام ; لأن بقية الربع لم يقسم أنه يقبل منه ذلك انتهى ( مسألة ) : قال ابن سهل في أحكامه في مسائل [ ص: 226 ] الإقرار إذا دفع وديعة لرسول بغير بينة ، ثم جاء ربها فأعلمه بذلك فسكت ، ثم طالبه فإنه يحلف ما أمر فلانا بقبضه وما كان سكوته رضا بقبضه ، ثم يغرمه ولو علم بذلك فقال للدافع : كلم فلانا القابض يحتال لي في المال كان رضا بقبضه فليطلبه به والدافع بريء انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر في أواخر كتاب الوديعة في ترجمة المودع يأتيه من يذكر أن ربها أمره بأخذها فيدفعها إليه قال محمد بن عبدوس في الذي قال للمودع بعثني ربها لآخذها منك فدفعها إليه ، ثم اجتمع مع ربها فذكر له ذلك فسكت ، ثم طالبه بعد ذلك قال : يحلف أنه ما أمر فلانا بقبضها وما كان سكوته رضا بقبضه ، ثم يغرمه ولو أن رب المال علم بقبض القابض ، فجاء إلى المودع فقال له كلم فلانا القابض يحتال لي في المال فقال هذا رضا بقبضه فليطلبه به ويبرأ الدافع قال ولو طلبها ربها فجحد الدافع فقال ربها احلف ما أودعتك قال يحلف له ما لك علي شيء قال أبو محمد يريد على قول ابن الماجشون ويعني أيضا أن الدافع أيقن بأمر رب الوديعة له انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية