الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كإيجار مستأجر دابة ، أو ثوبا لمثله )

                                                                                                                            ش : كذا في بعض النسخ ، وهي بينة موافقة لما في الإجارة من المدونة ، وفي بعض النسخ كإيجار مستأجر دابة ، أو لفظ لمثله بأو العاطفة ولفظ فاللام الجر ولفظ من الفظاظة ، وهي عبارة غلقة ، ولعله وقع فيها تقديم ، أو على لفظ غلطا من الناسخ ، ويكون أصلها لفظ أو لمثله ، ويكون المعنى أنه يكره أن يؤجرها لفظ ، أو لمثله ، ويكون المؤلف في عهدة أن إجارتها لفظ مكروه فإن الذي ذكره في كتاب الإجارة من المدونة أنه كره إجارتها لمثله ، أو أخف منه ، وأما من هو أفظ منه ، أو ليس مثله في الأمانة ، فقد صرح اللخمي بأنه يكون متعديا ، وظاهره المنع ، ونص على المنع أبو الحسن الصغير وصرح به في العتبية عن أصبغ في سماع عيسى من كتاب الإجارة فلو قال المصنف لمثله ، أو أخف كان جاريا على لفظ المدونة ولمالك في كراء الرواحل إجازة كراء الدابة لمثله ، أو أخف ( تنبيه : ) ما ذكره من الكراهة إنما هو إذا اكتراها للركوب قال في الإجارة منها وكره مالك لمكتري الدابة لركوبه كراءها من غيره كان مثله ، أو أخف منه ، فإن أكراها لم أفسخه ، وإن تلفت لم يضمن إن كان أكراها فيما اكتراها فيه من مثله في حاله وأمانته وخفته ، ولو بدا له عن السفر ، أو مات أكريت من مثله ، وكذلك الثياب في الحياة والممات ، وليس ككراء الحمولة والسفينة والدار هذا له أن يكري ذلك من مثله في مثل ما اكتراها له أبو الحسن عن ابن يونس يعني من غير كراهة انتهى .

                                                                                                                            وقيد اللخمي جواز كرائها إذا كانت مكتراة للحمل بأن يصحبها ربها في السفر ، وأما إن كان المكتري هو الذي يسافر بها فهي بمنزلة التي للركوب ، وكذلك ذكر ابن يونس عن ابن حبيب وقبله ، وزاد ابن حبيب إلا أن يكون ربها يعلم أن المكتري لا يسوقها بنفسه فلا حجة له ، وذكر اللخمي أنه إذا أراد كراءها من غيره ، وكان اكتراها للركوب ، أو للحمل لم يكن له ذلك حتى يعلم صاحبها ، فإن أعلمه وسلم أن الثاني كالأول أكراها ، وإن كره ، وإن خالف في ذلك رفع للحاكم ، فإن كان الأمر على ما قال صاحب الدابة منعه ، وإن كان لا مضرة عليه أمضى كراءه ، ومكن الثاني ، فإن لم يعلم صاحبها حتى سافر الثاني ، أو علم ، وغلبه نظر في ذلك ، فإن كان الأمر لو رفع للحاكم مكنه من السفر لم يكن عليه شيء ، وإن كان يمنعه من السفر كان على حكم المتعدي ، فإن سلمت أخذه بفضل كراء الثاني عن الأول ، وإن حدث عيب ضمنه إن كان العيب لأجل ركوبه ، وإذا كان متعديا في كرائها من الثاني ، فإن كان غير مأمون فادعى ضياعها ضمن الأول : ; لأنه متعد ، ولم يرجع على الثاني ; لأنه أذن له ، ولو كان الأول عديما إلا أن يكون الثاني عالما بتعديه ضمن ; لأنه متعد واختلف إن حدث عيب من غير سبب الركوب هل [ ص: 417 ] يضمنه الأول : أو لا يضمنه ، وكذلك إذا علم الضياع ببينة ، أو أكراها من مثله في الأمانة وأضر منه في الركوب وادعى الضياع ، هل يضمن أم لا ؟ لأنه غير الوجه الذي تعدى به ، ولا أرى أن يضمن الأول إلا أن يؤتى من سبب الوجه الذي تعدى به انتهى .

                                                                                                                            من كراء الرواحل وعلم منه أنه إذا أعلم صاحبها عند كرائها من غيره لم يكره ، وأن كراءه إياها لمن ليس مثله ممنوع ; لأنه جعله متعديا والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            وقال في العمدة ويجب تعيين المركوب لا الراكب ، وله استيفاء المنفعة بنفسه ، أو بمثله خفة وحذقا بالمسير ، ثم قال : ومن اكترى دارا فله أن يسكنها ، أو يسكنها أو يؤجرها من مؤجرها ، أو أجنبي مثل الآجر ، أو أقل ، أو أكثر انتهى .

                                                                                                                            وله نحوه في الإرشاد قال الشيخ سليمان في شرح الإرشاد قال في العمدة : ثم إن محل استيفاء المنفعة لا يتعين ، وإن عين بل للمستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه وبغيره ، وله أن يؤجر مؤجره وغيره بمثل الإجارة وبالأقل والأكثر قال في شرحه : معناه إذا استأجر الرجل دارا ليسكنها ، أو دابة ليركبها ونحو ذلك لم يتعين عليه أن يسكنها ، أو يركبها هو بنفسه ، ولو عين نفسه للسكنى ، أو للركوب بل له أن يسكنها أو يكريها لمن شاء ممن هو في رفقه في السكنى ، وفي خفته في الركوب وحذقه في المسير ، وذلك ; لأنه قد ملك المنفعة بالعقد فله أن يملكها لمن شاء كسائر أملاكه ، ولهذا يكون له إجارة ما استأجره ممن شاء بما شاء هذا ، وقد قال في المدونة : وكره مالك لمكتري الدابة لركوبه كراءها لغيره ، وإن كان أخف منه ، أو مثله ، وإن أكراها لم أفسخه ، وعلى هذا اقتصر خليل في مختصره انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن الحاجب : ولا يتعين الراكب ، ولو عين لم يلزم تعيينه ، وجعل مثله فأدنى واستثقله مالك في الدابة خاصة إلا أن يموت ، أو يبدو له انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية