الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قال ابن العربي : السحر ، قول مؤلف يعظم به غير الله الكائنات والمقادير وهو من الكبائر بالإجماع ، قال مالك : الساحر كافر يقتل ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته .

                                                                                                                                                                                                                              وقال النووي : قد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا ، بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا وأما تعمله فحرام وإذ لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عذر فاعله واستتيب منه ، ولا يقتل عندنا ، وإن مات قبلت توبته .

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي عياض : ويقول مالك : قال أحمد بن محمد بن حنبل وهو يروي عن جماعة من الصحابة والتابعين .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : اختلف هل له حقيقة ، قال النووي : وهو الصحيح ، وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ، أو لا حقيقة له ، وهو اختيار أبي جعفر الأستراباذي من الشافعية وأبي بكر الرازي من الحنفية وطائفة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحافظ : محل النزاع هل يقع بالسحر انقلاب أعيان أو لا ؟ فمن قال : إنه تخييل فقط منع من ذلك ، والقائلون بأن له حقيقة اختلفوا هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض ، أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه ؟ فالذي عليه [ ص: 179 ] الجمهور هو الأول ، وقال الإمام المازري - رضي الله تعالى عنه- : جمهور العلماء على إثبات السحر ، لأن العقل لا ينكر أن الله تعالى قد خرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق أو تركيب أجسام ، أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص ونظير ذلك ما وقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى الضار منها بمفرده فيصير نافعا بالتركيب [وقيل : لا يزيد تأثير السحر على ما ذكر الله ، لأن المقام مقام تهويل ، والصحيح من جهة العقل أن] يقع به أكثر من ذلك ، والآية وإن كانت ظاهرة في ذلك فليست نصا في منع الزيادة .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإمام المازري : الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد ، والكرامة لا تحتاج إلى ذلك إنما تقع غالبا اتفاقا ، والمعجزة تمتاز عن الكرامة بالتحدي . [ ص: 180 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية