الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين ) كالقتل والعتق والنكاح والطلاق ( فلا يمين ) على المدعى عليه ( بمجردها ) من المدعي بل حتى يقيم عليها شاهدا واحدا فيحلف المدعى عليه لرد شهادته ( ولا ترد ) على المدعي إذ لا ثمرة في ردها عليه مع كون الدعوى لا تثبت إلا بعدلين فقوله ولا ترد معطوف على مقدر أي فإن لم تتجرد بأن أقام عدلا [ ص: 152 ] فقط توجهت ولا ترد لكن توجهها في غير النكاح فإن حلف من توجهت عليه وهو المدعى عليه كالسيد في العتق ترك ، وإن نكل حبس فإن طال حبسه دين وأما في النكاح فلا تتوجه كما لو ادعى رجل أن فلانا زوجه ابنته وأنكر الأب فأقام الزوج شاهدا واحدا بذلك فلا تتوجه اليمين على الأب ولا يثبت النكاح وسيأتي هذا التفصيل في الشهادات في قوله وحلف بشاهد في طلاق وعتق لا نكاح فقوله هنا ( كنكاح ) مثال لما لا يثبت إلا بعدلين لا مثال لما تتوجه فيه اليمين مع شاهد المدعي .

التالي السابق


( قوله : والعتق ) أي وكذلك الكتابة . ( قوله : فلا يمين على المدعى عليه بمجردها ) فإذا ادعى إنسان على شخص أنه قتل وليه ولم يقم بينة فلا يمين على ذلك الشخص المدعى عليه ، أو ادعى العبد على سيده أنه أعتقه أو كاتبه بكذا ولم تقم بينة فلا يمين على ذلك السيد ، أو ادعت المرأة ، أو غيرها على زوجها أنه طلقها ولم تقم بينة فلا يمين على الزوج أو ادعى إنسان على ولي مجبرة أنه زوجه بنته ، أو أمته ولم يقم بينة فلا يمين على الولي ويستثنى من قوله فلا يمين بمجردها مسائل منها قوله : ويحلف الطالب إن ادعي عليه علم العدم كما لو اعترف المدعى عليه بالحق وادعى الإعسار وأن الطالب يعلم بعسره وأنكر الطالب العلم بعسره ولا بينة للمطلوب فإن الطالب يحلف أنه لا يعلم بعسره ويحبس المطلوب لإثبات عسره ومنها قوله : وكذا للمدعى عليه تحليف المدعي أنه عالم بفسق شهوده ومنه قوله : وله يمينه أنه لم يحلفه أولا ومنها قوله : فيما يأتي وللقاتل الاستحلاف على العفو ومنها المتهم يدعى عليه الغصب ، أو السرقة مع أن كلا من الغصب والسرقة لا يثبت موجبهما من أدب وقطع إلا بشاهدين وإن كان المال المدعى به يثبت بشاهد ويمين ومنها من ادعى على آخر أنه قذفه فتوجه اليمين على ذلك الآخر أنه لم يقذفه إن شهدت بينة بمنازعة وتشاجر كان بينهما وإلا لم يحلف انظر ح ومفهوم قوله لا تثبت إلا بعدلين أن الدعوى التي تثبت بشاهد وامرأتين ، أو أحدهما ويمين تتوجه على المدعى عليه بمجردها وترد على المدعي إن أراد المدعى عليه ردها عليه وكذا اليمين التي يحلفها المدعي مع الشاهد ، أو المرأتين إذا نكل عنها ترد على المدعى عليه فإن نكل عنها غرم بنكوله وشهادة الشاهد وليس للمدعى عليه ردها على المدعي ; لأن اليمين المردودة لا ترد ويستثنى من ذلك المفهوم من ادعى على شخص أنه عبده فأنكر فلا يمين على ذلك المدعى عليه مع أن الرق مما يثبت بشاهد ويمين وذلك لأن الأصل في الناس الحرية فدعوى ذلك المدعي رقية المدعى عليه خلاف الأصل فلما كانت خلاف الأصل مع تشوف الشارع للحرية ضعفت جدا فلم تتوجه اليمين لإبطالها . ( قوله : ولا ترد ) أي تلك اليمين التي يحلفها المدعى عليه لرد شهادة الشاهد على المدعي أي ليس للمدعى عليه أن يردها على [ ص: 152 ] المدعي بحيث إذا حلفها يثبت المدعى به من قتل وعتق وكتابة ونكاح وطلاق لئلا يلزم ثبوت ما ذكر بشاهد ويمين مع أن ما ذكر لا يثبت إلا بعدلين وحينئذ فلا ثمرة في ردها عليه . ( قوله : لكن توجهها ) أي لرد شهادة الشاهد . ( قوله : كالسيد في العتق ) أي والكتابة وكالزوج في الطلاق وكالمدعى عليه في القتل . ( قوله : وأما في النكاح فلا تتوجه ) أي على المدعى عليه وهو الولي المجبر لرد شهادة الشاهد والفرق بين النكاح وبين غيره كالعتق والطلاق أن الغالب في النكاح الشهرة فشهادة الواحد فيه ريبة فلذا لم يطلب الولي باليمين لرد شهادة الشاهد بخلاف غير النكاح كالعتق والطلاق فإنه ليس الغالب فيه الشهرة فلا ريبة في شهادة الواحد فيه فلذا أمر المدعى عليه باليمين لرد شهادته . ( قوله : لا مثال لما تتوجه فيه اليمين ) أي على المدعى عليه مع شاهد للمدعي الذي هو مفهوم قوله بمجردها .




الخدمات العلمية