الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( أو ) ( حمل عبدا لم يميز أو خدعه ) ولو مميزا كأن يقول له سيدك بعثني لك لتذهب معي إلى مكان كذا أو إليه فخرج معه طوعا من حرزه فالقطع ( أو ) ( أخرجه ) أي النصاب من بيت محجور عن الناس ( في ) بيوت ( ذي الإذن العام ) لجميع الناس كبيت الحاكم والعالم والكريم الذي يدخله عامة الناس بلا إذن خاص ( لمحله ) أي محل الإذن العام واللام بمعنى عن متعلقة بأخرج أي أخرجه عن المحل العام خارج بابه أي إن من سرق من بيت محجور من بيوت دار مأذون في دخوله لعموم الناس فلا يقطع حتى يخرج النصاب من محل الإذن العام بأن يخرجه من بابها ; لأنه من تمام الحرز ، فإن لم يخرجه من بابها لم يقطع فلو سرقه من ظاهرها المأذون في دخوله للناس لم يقطع لأنه خائن لا سارق قاله ابن رشد ( لا ) دار ذات ( إذن خاص كضيف ) أو مرسل لحاجة أو قاصد مسألة فسرق ( مما ) أي بيت ( حجر عليه ) في دخوله فلا يقطع وأولى إن أخذ مما لم يحجر عليه ( ولو خرج به من جميعه ) ; لأنه لما دخل بإذن فسرق كان خائنا لا سارقا حقيقة ( ولا إن نقله ) أي النصاب في الحرز من مكان إلى آخر [ ص: 343 ] ( ولم يخرجه ) عن الحرز فلا يقطع وهذا مفهوم قوله قبل مخرج من حرز ( ولا ) قطع ( فيما ) أي في سرقة ما ( على صبي ) غير مميز من حلي وثياب ( أو معه ) ; لأن غير المميز لا يعد حافظا لما عليه أو معه بشرط أن لا يكون معه من يحرسه وأن لا يكون بدار أهله وإلا قطع ، فإن كان مميزا فهو داخل في قوله وكل شيء بحضرة صاحبه ; لأن المراد به المصاحب المميز ، وإن لم يكن مالكا ولذا عبر بصاحبه دون ربه مع أنه أخصر ومثل الصبي المجنون .

التالي السابق


( قوله : أو حمل عبدا ) عطف على قوله أو ابتلع درا فهو داخل في حيز المبالغة وقوله : لم يميز أي لصغره أو عجمته أو جنونه وحيث كان لم يميز فلا يتأتى أنه خدعه لأن الخداع إنما يكون للمميز .

( قوله : أو خدعه ) أي أو لم يحمله لكنه خدعه والضمير للعبد لا بقيد عدم التمييز لأن الخدع إنما يكون لمميز فقول الشارح ولو مميزا الواو للحال ولو زائدة لا للمبالغة لفساد ما قبلها واعلم أن في كلام المصنف احتباكا حيث حذف قيد التمييز في الثاني لدلالة ذكر مقابله وهو عدم التمييز في الأول عليه وحذف قيد الإكراه في الأول لدلالة ذكر ما يدل على مقابله في الثاني لأن الخدع يدل على خروجه معه طوعا ( قوله : في بيوت ذي الإذن العام ) في بمعنى من وهو حال من بيت الذي قدره الشارح أي أخرجه من بيت محجور عن الناس حالة كون ذلك البيت من بيوت المحل ذي الإذن العام .

( قوله : فإن لم يخرجه من بابها ) أي بأن ألقاه في عرصتها أو قبض عليه به وهو في عرصتها فلا يقطع ( قوله : فلو سرقه من ظاهرها ) هذا محترز قوله أو أخرجه من بيت محجور عن الناس في دخوله ومثل السرقة من ظاهرها في عدم القطع السرقة من بيت منها غير محجور عليه وقوله : لم يقطع أي ولو أخرجه من بابها وظاهره ولو جرت العادة بوضع ذلك المسروق في المحل العام .

( قوله : لا دار ذات إذن خاص ) أي لا إن سرق من دار ذات إذن خاص أي مختص ببعض الناس .

( قوله : ولو خرج به ) أي بالمسروق وقوله : من جميعه أي من جميع الدار .

( قوله : ولا إن نقله ) أي ولا قطع إن نقل النصاب من مكان لآخر حالة كونه باقيا [ ص: 343 ] في الحرز ولم يخرجه منه .

( قوله : أو معه ) أي في جيبه أو كمه .

( قوله : بشرط أن لا يكون إلخ ) بهذا ينتفي التعارض بين ما تقدم من القطع في سرقة ما على الدابة وبين ما هنا من عدم القطع في سرقة ما على الصبي غير المميز مع أن الصبي المذكور والدابة اشتركا في عدم التمييز .

وحاصل الجواب أن ما ذكر هنا من عدم القطع مقيد بما إذا لم يكن معه أحد يحرسه ولم يكن بدار أهله ، وإلا فالقطع وما مر من القطع في سرقة ما على الدابة مقيد بما إذا كان معها أحد أو كانت في حرز مثلها ، وإلا فلا قطع كما هنا ( قوله : وإلا قطع ) أي سارق ما عليه أو معه ( قوله : فهو داخل في قوله وكل شيء بحضرة صاحبه ) وذلك لأن الحضرة تقتضي الشعور ولو حكما كالنائم ( قوله : ولذا ) أي لأجل كون المراد بالصاحب المصاحب المميز ، وإن لم يكن مالكا .

( قوله : ومثل الصبي ) أي في كونه لا قطع في سرقة ما عليه وما معه المجنون وكذلك السكران إذا كان سكره بحلال ; لأنه كالمجنون وأما بحرام فوقع فيه حيث لم يميز وباع تردد في صحة بيعه وعدم صحته فعلى الأول يقطع من سرق منه لا على الثاني




الخدمات العلمية