الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ثم أشار للعتق بالشين وهو المثلة بقوله ( و ) عتق وجوبا ( بالحكم ) لا بمجرد التمثيل ( إن عمد ) سيده بفتح الميم أي تعمد ( لشين ) أي عيب ومثلة ويدل على قصد المثلة [ ص: 368 ] قرائن الأحوال واحترز بالعمد عن الخطأ وعن عمد الأدب أو مداواة ( برقيقه ) ولو أم ولده أو مكاتبه ( أو رقيق رقيقه ) الذي ينتزع مالا رقيق مكاتبة ( أو ) مثل أب برقيق ( لولد ) له ( صغير ) أو كبير سفيه فيعتق بالحكم على الأب ويغرم قيمته لمحجوره والولد الكبير الرشيد كأجنبي ( غير سفيه ) فاعل عمد ( و ) غير ( عبد و ) غير ( ذمي ) مثل ( بمثله ) أي مثل مسلم بعبده الذمي أو المسلم أو مثل الذمي بعبده المسلم فقوله بمثله بكسر الميم واللام آخره هاء الضمير راجع للذمي أي وغير ذمي بذمي ومنطوقه ثلاث صور ومفهومه صورة واحدة وهي مثل ذمي بذمي وكأنه قال : إن مثل الرشيد الحر المسلم برقيقه ولو كافرا عتق عليه بالحكم ومفهومه أن الصبي والمجنون والسفيه والعبد إذا مثلوا برقيقهم لم يعتقوا عليهم وكذا الذمي بذمي ما لم يترافعوا إلينا ( و ) غير ( زوجة ومريض في زائد الثلث ) منطوقه صورتان مثل صحيح غير زوجة برقيقه فيعتق عليه بالحكم مطلقا إذا كان متصفا بالصفات المتقدمة أو مثلت زوجة أو مريض برقيقه في محمل الثلث لا أزيد ومفهومه صورة وهي تمثيلها فيما زاد عليه فلا يعتق إلا أن يجيزه الزوج أو الورثة ويعتق عليهما الثلث فدون ( و ) غير ( مدين ) ، فإن مثل مدين بعبده لم يعتق عليه وظاهره ولو طرأ الدين بعد المثلة وقبل الحكم عليه بالعتق فلغرمائه رده وهو كذلك على مقتضى كلام أبي الحسن

التالي السابق


( قوله وعتق بالحكم ) أي وعتق العبد على السيد بالحكم إن تعمد الجناية عليه وقصدها لأجل شينه إذا كان ذلك السيد رشيدا حرا مسلما أو ذميا لم يمثل بمثله وكان صحيحا غير زوجة أو كان مريضا أو زوجة وقيمة العبد الممثل به ثلث مالهما ولا يتبع العبد ما له على أحد قولين في الشارح بهرام والذي اقتصر عليه الأقفهسي أنه يتبعه ( قوله : ويدل على قصد المثلة ) أي ويدل على أن السيد قصد بالجناية عليه المثلة [ ص: 368 ] قوله : واحترز بالعمد ) الأولى أن يقول واحترز بالعمد لشين عن الخطأ إلخ ( قوله : أو مكاتبه ) أي ويرجع المكاتب على سيده بما يزيد أرش الجناية على الكتابة ، فإن زادت الكتابة على أرش الجناية سقط الزائد لعتق المكاتب على سيده ( قوله : لا رقيق مكاتبه ) أي إلا إن مثل برقيق رقيقه الذي لم ينتزع ماله كعبد مكاتبه فلا يعتق عليه ولزمه أرش جنايته إلا أن تكون مثلة مفيتة للمقصود من ذلك العبد فيضمن قيمته ويعتق عليه ( قوله : أو لولد صغير ) عطف على المضاف إليه من قوله أو رقيق رقيقه وصرح مع المعطوف باللام المقدرة في المعطوف عليه ; لأن الإضافة فيه على معنى اللام ( قوله : والولد الكبير إلخ ) أي فإذا مثل الأب برقيق ولده الكبير أو مثل شخص برقيق أجنبي أو برقيق زوجته فلا يعتق عليه ويغرم لصاحبه أرش الجناية إلا أن يبطل منافعه فيعتق عليه ويغرم لصاحبه قيمته واعلم أن المثلة ليست من خواص العتق فإذا مثل بزوجته كان لها الرفع للحاكم فتثبت ذلك ويطلق عليه فقد سبق أن لها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره وما في عبق هنا ففيه نظر .

( قوله مثل بمثله ) أي مثل ذلك الذمي بمثله ( قوله : ومنطوقه ) أي منطوق غير ذمي مثل بذمي ثلاث صور وهي ما إذا مثل مسلم بمسلم أو بكافر أو مثل كافر بمسلم فيصدق على السيد في كل صورة منها أنه غير ذمي مثل بذمي فيعتق العبد في هذه الصور الثلاث ( قوله : ومفهومه صورة واحدة ) أي فلا يعتق فيها ( قوله : وكأنه قال إلخ ) فيه أن منطوق هذا صورتان وهما ما إذا مثل الرشيد الحر المسلم بمثله أو بكافر ولا يشمل ما إذا مثل الرشيد الحر الكافر برقيقه المسلم مع أن كلام المصنف صادق بالثلاث صور كما علمت فكان الأولى للشارح أن يقول وكأنه قال إن مثل الحر الرشيد المسلم برقيقه ولو كافرا أو مثل الرشيد الحر الكافر برقيقه المسلم عتق عليه تأمل .

( قوله : وكذا الذمي بذمي ) أي وكذا لا عتق على الذمي إذا مثل بعبده الذمي بخلاف ما إذا مثل بعبده المسلم واعلم أن المعاهد ليس كالذمي في التفصيل المذكور بل إذا مثل بعبده سواء كان مسلما أو كافرا ، فإنه لا يعتق عليه ; لأنه ليس ملتزما لأحكامنا فلا نتعرض له ( قوله : إذا كان متصفا بالصفات المتقدمة ) أي بأن كان رشيدا حرا غير ذمي مثل بذمي ( قوله : في محمل الثلث ) أي في عبد يحمل الثلث قيمته بأن كان ذلك العبد الممثل به قيمته قدر ثلث ما لهما فأقل ( قوله : فيما زاد عليه ) أي في عبد قيمته أزيد من الثلث ( قوله : ويعتق عليهما ) أي من ذلك العبد الممثل به الذي قيمته أزيد من الثلث ولم يجز الورثة أو الزوج عتقه وحاصل كلام الشارح أن العبد الذي مثل به المريض أو الزوجة إذا كانت قيمته أزيد من ثلث ما لهما ، فإنه يعتق على المريض والزوجة من ذلك العبد محمل ثلث ما لهما لا أزيد سواء كان محمل ثلث المال من ذلك العبد ثلثه أو أقل من ثلثه إلا أن يجيز الورثة أو الزوج عتقه وإلا عتق وظاهره أن الزوج إذا لم يرض بعتقه بتمامه ليس له إلا رد ما زاد على الثلث فقط لتشوف الشارع للحرية وليس له رد الجميع كابتداء عتقها ورجح هذا القول بعض الأشياخ لكن الذي في ابن عرفة عن ابن القاسم أن له رد الجميع موجها له بأنه لما كان أزيد من ثلثها حمل تمثيلها به على أن قصدها إضرار الزوج فيكون له رد الجميع انظر عبق .

( قوله : لم يعتق عليه ) أي ويباع في الدين ( قوله : فلغرمائه ) أي إذا حكم الحاكم بعتقه وقوله رده أي رد الحكم بعتقه وبيعه في الدين ( قوله : على مقتضى كلام أبي الحسن ) أي حيث قال : إنه أي العبد الذي مثل به يورث بالرق قبل الحكم ويرد الحكم بعتقه الدين فظاهره كان الدين قبل [ ص: 369 ] المثلة أو بعدها




الخدمات العلمية