الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن استمهل ) أي طلب المهلة ( لدفع بينة ) أقيمت عليه بحق ( أمهل بالاجتهاد ) من الحاكم بلا حد في مدة الإمهال ( كحساب وشبهة ) أي كما لو طلب المدعى عليه المهلة لحساب يحرره أو لكتاب يخرجه وينظر فيه ليكون في جوابه بإقرار أو إنكار على بصيرة في ذلك فإنه يجاب لذلك ( بكفيل المال ) قيد في المسألتين قبله ( كأن أراد إقامة ثان ) تشبيه تام أي أن المدعي إذا أقام شاهدا على حقه وأبى أن يحلف معه وطلب المهلة حتى يأتي بشاهده الثاني فإنه يجاب لذلك بكفيل من المدعى عليه بالمال ومدة المهلة بالاجتهاد ( أو بإقامة بينة ) الباء بمعنى اللام كما في بعض النسخ مدخولها معطوف على دفع أي أن المدعي إذا طلب المهلة لإقامة بينة على دعواه المجردة ( فبحميل بالوجه ) يضمن المدعى عليه ولا يجاب لحميل بالمال اتفاقا إذ لم يثبت له عليه شيء ( وفيها أيضا نفيه ) أي نفي حميل الوجه أي لا يجاب لحميل بالوجه وهذا هو الراجح وهو الذي قدمه المصنف آخر باب الضمان بقوله ولم يجب وكيل للخصومة ولا كفيل بالوجه بالدعوى ( وهل ) ما في الموضعين من المدونة [ ص: 227 ] ( خلاف ) وهو الراجح والراجح منه نفيه كما تقدم ( أو ) وفاق ( والمراد ) بالحميل ( وكيل يلازمه ) ويحرسه خوف الهرب لأنه يطلق على الوكيل حميل لا الكفيل بالوجه فوافق ما في الموضع الثاني ( أو ) المراد بقوله فبحميل الوجه ( إن لم تعرف عينه ) أي عين المدعى عليه كأن يكون غريبا أو ليس بمعروف لتشهد البينة على عينه فإن كان معروفا مشهورا لم يلزمه حميل بالوجه لأنا نسمع البينة عليه في غيبته ثم يعذر إليه فيها إلا أن يخشى تغيبه ( تأويلات ) ثلاثة واحد بالخلاف واثنان بالوفاق

التالي السابق


( قوله ومن استمهل إلخ ) حاصله أن من استمهل لدفع بينة شاهدة عليه بالحق بإقامة بينة تشهد له بقضائه أمهل بكفيل المال وأما من استمهل لإقامة بينة تشهد له بحق ادعاه أمهل فإذا طلب من المدعى عليه حميلا بالمال لا يجاب لذلك اتفاقا وفي إجابته لحميل بالوجه خلاف يأتي إذا علمت هذا تعلم أن كلام المصنف قاصر على بينة المطلوب كما فعل الشارح وأما تعميم بعض الشروح فيه بجعله شاملا لبينة المطلوب والطالب حيث قال ومن استمهل لدفع بينة قامت عليه بحق أو بقضائه أمهل إلخ فغير صواب لأمور الأول أن إقامة الغريم بينة بالقضاء فرع عن ثبوت الحق فكيف يستمهل المدعي لإقامة بينة بالحق يدفع بها بينة القضاء بعد ثبوت الحق بإقرار الغريم الأمر الثاني أن هذا التعميم يقتضي أن استمهال المدعي لإقامة بينة بالحق يكون بكفيل بالمال وليس كذلك بل الوجه على الخلاف الآتي بين موضوعي المدونة ( قوله بلا حد في مدة الإمهال ) أي خلافا لما في المدونة عن غير ابن القاسم من التحديد بجمعة ومحل إمهال المطلوب إن كانت بينته التي يدفع بها البينة الشاهدة عليه بالحق غائبة غيبة قريبة كجمعة وإلا قضى عليه وبقي على حجته إذا أحضرها لأن على الطالب ضررا في إمهال المطلوب مع بعد بينته ( قوله كحساب وشبهه ) أي أن المدعى عليه إذا قال أمهلوني حتى أعمل حسابا أو أنظر في الدفاتر وأعرف ما وصلني وما خرج من يدي والباقي لي فإنه يمهل بكفيل المال هذا إذا كان طلبه للحساب بعد شهادة البينة عليه بالحق وأما إن كان طلبه لذلك قبل شهادتها عليه به فإنه يمهل بكفيل حتى بالوجه ( قوله قيد في المسألتين ) أي مسألة وإن قال أبرأني ومسألة من استمهل إلخ وأما ما بعد الكاف فتارة يكفي فيها الحميل بالوجه وتارة لا يكفي فيها إلا الحميل بالمال فإن رجع القيد لها أيضا وحمل كلامه على طلبه للحساب بعد إقامة البينة فاته ما إذا كان طلبه للحساب قبل إقامة البينة فتأمل ( قوله تشبيه تام ) أي أنه تشبيه في الإمهال وفي لزوم كفيل بالمال لأنه أفيد لا أنه تشبيه في أحدهما ( قوله بالمال ) هذا إذا كان ذلك الشاهد الذي أتى به لم يحتج لتزكية أما إن كان يحتاج لها فيكفي الحميل بالوجه ( قوله إذا طلب المهلة لإقامة بينة ) أي لإرادة إقامتها لا أنه أقامها بالفعل ( قوله فبحميل ) أي [ ص: 227 ] فيمهل بحميل بالوجه ( قوله خلاف ) أي فهما قولان متغايران مشى في كل موضع على قول منهما ( قوله أو وفاق ) أي وهو بأحد وجهين أحدهما أن المراد إلخ ( قوله وكيل يلازمه ويحرسه ) أي بحيث لو فرض أنه لم يأت به فلا ضمان عليه وقوله لا الكفيل بالوجه أي الذي إذا لم يأت بالمضمون ويضمن ما عليه وهذا التوفيق لأبي عمران الفاسي والثاني لابن يونس ( قوله لتشهد البينة على عينه ) أي فلا بد من حضوره لتشهد إلخ




الخدمات العلمية