الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) إن أوصى بثلثه مثلا لمجهول غير محصور ( لم يلزم تعميم ) أي تعميم الموصي لهم بالإعطاء ( كغزاة ) أو فقراء أو بني تميم بخلاف خدمة مسجد أو ولي لحصرهم وينبغي إيثار الأحواج في القسمين كما أشار له بقوله ( واجتهد ) متولي التفرقة من وصي أو حاكم أو وارث فيمن حضر التفرقة فلا شيء لمن مات قبلها ( كزيد معهم ) أي وإذا قال أوصيت لزيد وللفقراء بثلثي مثلا فإنه يجتهد فيما يعطيه لزيد من قلة وكثرة بحسب القرائن والأحوال ; لأن القرينة هنا دلت على أن الموصي أعطى المعلوم حكم المجهول وألحقه به وأجراه على حكمه حيث ضمه إليه فلا يقال إنه إذا اجتمع معلوم ومجهول جعل لكل منهما النصف ( ولا شيء لوارثه ) أي لوارث زيد إن مات [ ص: 435 ] ( قبل القسم ) بخلاف ما لو أوصى لمعين كزيد وعمرو أو لأولاد زيد المعينين فيقسم بينهم بالسوية ومن مات منهم قبل القسم فوارثه يقوم مقامه ( وضرب ) أي أسهم ( لمجهول ) دائم كوقيد مصباح على الدوام لطلبة العلم مثلا بدرهم كل ليلة ( فأكثر ) كوقيد مصباح بدرهم وشراء خبز يفرق على الفقراء كل يوم بدرهمين أي مع معلوم أيضا كوصيته لزيد بكذا ولعمرو بكذا ( بالثلث ) أي ثلث المال أي يجعل الثلث فريضة ثم يضم إليها المعلوم ويجعل بمنزلة فريضة عالت فإذا كان ثلث المال ثلاثمائة جعل كله للمجهول المتحد أو المتعدد ثم يضاف إليه المعلوم فإذا كان المعلوم ثلاثمائة فكأنها عالت بمثلها فيعطى المعلوم نصف الثلثمائة ويبقى نصفها للمجهول فأكثر ولو كان المعلوم مائة زيدت على الثلثمائة فكأنها عالت بمثل ثلثها فيعطى المعلوم ربع الثلثمائة يفض عليه ويبقى الباقي للمجهول ( وهل ) ما بقي للمجهول ( يقسم على الحصص ) فيجعل لجهة المصباح الثلث من الباقي ولجهة الخبز الثلثان أو لا يقسم على الحصص بل على عد الجهات بالسوية فيجعل لجهة المصباح نصفه وإن أوصى له بدرهم ولجهة الخبز نصفه وإن أوصى له بدرهمين ( قولان ) واستشكل الثاني بأن الموصي جعل لأحدهما أقل مما للآخر فكان ينبغي عدم التساوي بينهما مراعاة لجعله وأجيب بأنه لما كان له الثلث لو انفرد كان الثلث للجميع عند التعدد بالسوية وفيه نظر إذ لم يسو بينهما .

التالي السابق


( قوله ولم يلزم تعميم كغزاة ) أي ولا التسوية بينهم واجتهد متولي التفرقة في القدر الذي يعطيه لمن حضر منهم القسم ولا شيء لمن مات قبله .

( تنبيه ) من قبيل المجهول غير المحصور فقراء الرباط والمدارس والجامع الأزهر فقد ذكر عبق في باب الوقف نقلا عن العتبية عند قول المصنف أو لمجهول وإن حصر أن أهل مسجد كذا من غير المحصور وأن قول الشيخ أحمد الزرقاني إن المجاورين بالمسجد الفلاني من المحصور فيه نظر .

( قوله بخلاف خدمة مسجد إلخ ) هذا مفهوم قوله كغزاة وذلك ; لأن قوله كغزاة مفهومه قسمان أحدهما الإيصاء لمعين كفلان وفلان وأولاد فلان ويسميهم فيقسم المال والموصى به بينهم بالسوية ومن مات منهم بعد موت الموصي وقبل قسم المال الموصى به فنصيبه لوارثه ، ثانيهما أن يوصي لمن يمكن حصره ولكن لم يسمهم ك أوصيت لأولاد فلان أو لإخوته أو لأولاد إخوته أو لأخوالي وأولادهم أو لخدمة المسجد الفلاني أو لخدمة الولي الفلاني وهذا القسم اختلف فيه على قولين كما في ح قيل إنهم كالمعينين يقسم بينهم بالسوية ومن مات منهم قبل الموصي فلا شيء له ومن مات بعده استحق ويقوم وارثه مقامه إذا مات قبل قسم المال ومن ولد بعد موت الموصي لم يدخل وقيل إنهم كالمجهولين من مات قبل قسم المال لم يستحق ومن ولد بعد الموصي استحق ويقسم بينهم بالاجتهاد لا بالسوية والأول قول مالك وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وعليه مشي الشارح فقوله بخلاف خدمة مسجد أو ولي أي فيجب تعميمهم لحصرهم ويسوى لحصرهم ويسوى بينهم في القسم إذا استووا في الحاجة .

( قوله في القسمين ) أي ما إذا كانت الوصية على مجهول غير محصور كالغزاة أو على مجهول يمكن حصره كخدمة المسجد . ( قوله واجتهد متولي التفرقة ) فيمن حضرها من المجهول الغير المحضور كالغزاة أي اجتهد في القدر الذي يعطيه لكل واحد فلا يلزم أن يسوي بينهم كما لا يلزم تعميمهم .

( قوله فيما يعطيه ) [ ص: 435 ] أي في قدر ما يعطيه له وكذا يجتهد في تقديمه في الإعطاء أو تأخيره ( قوله قبل القسم ) أي قبل قسم المال الموصى به وبعد موت الموصي وأما من مات منهم قبل موت الموصي فلا شيء له حتى يكون لوارثه .

( قوله وضرب إلخ ) لو قال وجعل لمجهول الثلث وحذف الباء من بالثلث كان أظهر وأخصر ولا يلزم من جعل الثلث له إعطاؤه الثلث بتمامه ; لأنه يسلك فيه مسلك العول كما قال الشارح .

( قوله لمجهول ) أي واحد فأكثر كمجهولين أو ثلاثة ، وقوله لمجهول دائم أي موصى به وقوله مع معلوم أي موصى به أيضا .

( قوله أي مع معلوم أيضا ) أي كما يشعر به قول المصنف وضرب ; لأن المضاربة والمحاصة إنما تكون في متعد وحاصله أنه إذا أوصى بمجهول أو أكثر على الدوام وأوصى بمعلوم فإن أجاز الوارث الوصية فالأمر ظاهر وإن أبى من تنفيذها كلها تعين تنفيذها من الثلث وطريق ذلك أن يجعل ثلث مال الميت للمجهول ويضم إليه الموصى به المعلوم وينسب المعلوم لمجموعهما وبتلك النسبة يعطى الموصى له بالمعلوم من الثلث وما بقي منه فهو للمجهول فإذا كان مال الميت كله تسعمائة ولم تجز الورثة الوصايا وتعينت في الثلث أخذ ثلث المال وهو ثلثمائة وضم إليها المعلوم وفعل ما ذكرنا .

( قوله فكأنها عالت بمثلها ) وذلك ; لأنه إذا أريد معرفة ما عالت به المسألة ينسب ما عالت به إليها بدون العول وأما إذا أريد معرفة ما يخص الموصى له بالمعلوم من الثلث فأنسب المعلوم لمجموع الثلث والمعلوم وبتلك النسبة يعطى الموصى له بالمعلوم من الثلث .

( قوله ولو كان المعلوم مائة ) أي كما لو أوصى لزيد بخمسين ولعمرو بخمسين .

( قوله ربع الثلاثمائة ) أي وهو خمسة وسبعون وقوله يفض عليه أي على المعلوم أي على أصحابه يأخذ كل واحد منها سبعة وثلاثين ونصفا .

( قوله ويبقى الباقي ) أي وهو مائتان وخمسة وعشرون ولو كان المعلوم مائة وخمسين لزيدت على الثلاثمائة فكأنها عالت نصفها ونسبة المائة والخمسين للأربعمائة والخمسين ثلث وحينئذ فيعطى الموصى له بالمعلوم ثلث الثلاثمائة وذلك مائة وما بقي وهو مائتان للمجهول .

( قوله وهل يقسم على الحصص ) أي على قدر الحصص .

( قوله فيجعل لجهة المصباح الثلث ) أي ; لأنه أوصى له بدرهم وللخبز بدرهمين ونسبة الدرهمين للثلاثة ثلثان ونسبة الدرهم لها ثلث إذا جعل لوقيد المصباح ثلث ما بقي فيصرف منه كل يوم القدر المسمى وهو درهمان حتى يفرغ .

( قوله ولجهة الخبز الثلثان ) أي ويصرف منهما كل يوم القدر المسمى وهو درهمان حتى يفرغ الثلثان .

( قوله فيجعل لجهة المصباح نصفه ) أي ويشترى منه كل يوم بالقدر المسمى حتى يفرغ .

( قوله قولان ) الأول منهما لابن الماجشون والثاني للموازية واختاره التونسي واستظهره بعضهم ومحل القولين إذا عين ما لكل مجهول مع التخالف كما إذا أوصى بوقيد مصباح كل ليلة بدرهم وبخبز يفرق على الفقراء كل يوم بدرهمين وأما إذا عين ما لكل مجهول مع التساوي فإنه يقسم على عدد الجهات قولا واحدا . ( قوله وأجيب إلخ ) حاصله أن كلا من القليل والكثير إذا انفرد اختص بالثلث ، فلما اشتركا في أن كل واحد منهما إذا انفرد اختص بالثلث كانا إذا اجتمعا متساويين فيه ، وهو جواب ظاهر ولا نظر فيه أصلا تأمل .

( قوله لو انفرد ) أي عن المجهول الآخر




الخدمات العلمية